بقاء الطلب (١) وارتفاعه ، لا في حدوث وجود آخر.
فانه يقال (٢) : الأمر وإن كان كذلك (٣) ، إلّا أن العرف حيث يرى الإيجاب والاستحباب المتبادلين فردين
______________________________________________________
(١) أي : طبيعة الطلب التي كانت متيقنة ، لا أنه شك في حدوث طلب في ضمن فرد آخر. هذا في الطلب الوجوبيّ المتبدل بطلب استحبابي ، وكذا طبيعة الكراهة في ضمن الحرمة المرتفعة مع الشك في تبدلها بالكراهة المصطلحة. وضمير «ارتفاعه» راجع إلى الطلب.
(٢) هذا دفع الإشكال ، ومحصله : أن الاستحباب وان كان بحسب الدقة العقلية من مراتب الوجوب ، وكذا الكراهة بالنسبة إلى الحرمة ، لكن العرف يرى الإيجاب والاستحباب فردين متباينين لكلي الطلب ، نظير زيد وعمرو في كونهما فردين متباينين من أفراد كلي الإنسان ، وكذا الحرمة والكراهة ، ولذا اشتهر تضاد الأحكام الخمسة ، ولا يرى العرف الإيجاب والاستحباب فردا واحدا مختلفا بالشدة والضعف حتى يصح استصحابه عند الشك في بقاء الطلب مع القطع بارتفاع الإيجاب ، نظير استصحاب السواد عند العلم بارتفاع شدته والشك في بقاء مرتبته الضعيفة. ولمّا كان المدار في وحدة القضيتين موضوعا ومحمولا نظر العرف فلا يجري الاستصحاب في الطلب بعد ارتفاع الوجوب والشك في تبدله بالاستحباب.
نعم يجري في مثل السواد من الأعراض الخارجية إذا شك في تبدل مرتبته الشديدة بالضعيفة ، لوحدة القضيتين المتيقنة والمشكوكة فيه عرفا كوحدتهما عقلا.
(٣) أي : كون التفاوت بين الإيجاب والاستحباب بشدة الطلب وضعفه ، وكذا الحرمة والكراهة ، ولازم ذلك رجوع الشك في التبدل بالاستحباب إلى الشك في بقاء الطلب ، لا إلى الشك في حدوث فرد آخر حتى لا يجري فيه الاستصحاب.
لكنه بنظر العرف ليس كذلك ، لكون الإيجاب والاستحباب بنظره متباينين.