دليل الحكم نقلاً أو عقلاً.
______________________________________________________
المناط الحقيقي فيه باقٍ في زمان الشك أو مرتفع فيستصحب الحكم الشرعي ...»
والمستفاد منه أن المانع من جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المستكشفة من حكم العقل أمران : أحدهما : عدم إحراز وحدة الموضوع في القضيتين المتيقنة والمشكوكة مع اشتراط الاستصحاب به ، بيانه : أنه ـ بناءً على القول بالتحسين والتقبيح العقليين أي درك العقل العملي بأن هذا مما ينبغي فعله وذاك مما ينبغي تركه مع الغض عن خطاب الشارع ، وبناءً على ثبوت الملازمة بين حكمي العقل والشرع ـ فإذا أدرك العقل حسن رد الوديعة وقبح الكذب الضار بنفس محترمة ترتب عليه حكم الشارع بوجوب الرد وحرمة الكذب بما هما موضوعان لحكم العقل ، ومن المعلوم أن إدراكه للحسن والقبح لا يتطرق إليه الإهمال والإجمال ، لأنه ان أحرز جميع القيود الدخيلة في مناط التحسين أو التقبيح استقل بالحكم به ، وان لم يحرزه لم يستقل به ، إذ القيود في القضايا العقلية بأجمعها من الجهات التقييدية الراجعة إلى نفس موضوع الحكم الّذي هو فعل المكلف ، فإذا زال بعض الأوصاف كانتفاء الضرر عن الكذب ، أو استلزام رد الأمانة للخوف انتفى حكم العقل قطعاً ، وينتفي بتبعه أيضا تحريم الشارع في الأول وإيجابه في الثاني ، ضرورة كون الموضوع للحرمة في القضية المتيقنة «الكذب المضر» والموضوع في المشكوكة هو مطلق الكذب ، لانتفاء قيد الإضرار حسب الفرض ، ومن المعلوم امتناع استصحاب حرمة الكذب المضر ـ في الشبهة الحكمية ـ لإثبات حرمة مطلق الكذب ، لاحتمال دخل وصف الإضرار في موضوع الحكم الشرعي ، وبمجرد هذا الاحتمال لا يحرز وحدة الموضوع.
ثانيهما : اختلال ركن الاستصحاب وهو الشك في البقاء ، قال الشيخ (قده) : «ألا ترى أن العقل إذا حكم بقبح الصدق الضار ، فحكمه يرجع إلى أن الضار من حيث انه ضار حرام ، ومعلوم أن هذه القضية غير قابلة للاستصحاب عند الشك في الضرر مع العلم بتحققه سابقاً ...» وتوضيحه : أن تقبيح العقل للصدق المضر