أما الأول (١) فواضح. وأما الثاني (٢) فلأن الحكم الشرعي
______________________________________________________
ليس لموضوعية خصوص عنوان «الصدق المضر» لحكمة بالقبح ، بل لصغرويته لكبرى حكم العقل بقبح الإضرار بالغير ، ولا شك في هذه الكبرى الكلية كي يجري فيها الاستصحاب ، وانما الشك في وجودات الضار التي هي مصاديق ما أدركه العقل كلّية ، وبزوال وصف الضرر لا يحكم على ذات الصدق بالقبح ، كما لا يحكم عليه بالحرمة شرعاً ، لاقتضاء الملازمة بين حكمي العقل والشرع القطع بانتفاء الحكم الشرعي المستند إلى الإدراك العقلي حتى لو قلنا بكون المناط في تشخيص الموضوع العرف لا الدليل ولا العقل ، لفرض أن كل عنوان تعلق به تحسين العقل أو تقبيحه فهو بنفسه متعلق الخطاب الشرعي ، وحيث ارتفع الحكم العقلي من جهة اختلال بعض خصوصيات الموضوع ارتفع الحكم الشرعي المستند إليه أيضا ، فلا شك في بقائه كي يستصحب.
هذا كله في الأحكام الشرعية المستكشفة من حكم العقل بقاعدة الملازمة. وأما الأحكام الشرعية المستندة إلى الأدلة النقليّة ، فلما كان تمييز موضوعها بيد العرف واحتمل وجود مناط آخر للحكم لم يطلع عليه العقل جرى الاستصحاب فيها ، كما إذا حكم الشارع بحرمة الكذب المضر ، ولم يعلم أن المناط هو الإضرار أو نفس الكذب ـ بما أنه اخبار غير مطابق للواقع ـ وزال الضرر أو شك في زواله ، فانه يجري استصحاب الحرمة في الشبهتين الحكمية والموضوعية.
هذا محصل ما يستفاد من كلام الشيخ ، وحيث ان المصنف ناقش في كلا الوجهين كما سيظهر فلذا أوضحنا المقصود مقدمة لتعليقه عليه.
(١) وهو المستند إلى النقل ، ووجه وضوحه : أن تشخيص وحدة الموضوع في القضيتين في هذه الأحكام يكون بيد العرف قطعاً ، لأنه المخاطب بها.
(٢) وهو المستند إلى القضايا العقلية ، وهذا شروع في مناقشة الوجه الأول مما أفاده الشيخ (قده) أعني شبهة عدم إحراز وحدة الموضوع ، وبيانه : أنه إذا حكم العقل بقبح التصرف في مال الغير عدواناً ووجوب رد الأمانة ، ثم عرض