.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
في دفعه بقوله : «وأنت خبير بما فيه» فان الانصراف إن كان لكثرة الأحكام المطلقة وقلة الأحكام المعلقة ، ففيه منع صغرى وكبرى. أما الصغرى فلما فيها من أن كثرة المطلقة وقلة المعلقة دعوى بلا بينة ، لكثرة الأحكام المعلقة ، إذ لا أقل من إناطتها بالشرائط العامة ، بل جميع الأحكام معلقة ، إذ المشروط بعد تحقق شرطه لا يصير مطلقا ، لأن معنى الإطلاق هو عدم تقيد الحكم بوجود شيء وعدمه ، وهذا مناف للاشتراط والتقييد ، فوجوب الحج مثلا بعد تحقق شرطه وهو الاستطاعة لا يصير مطلقا بأن يخرج الوجوب عن المشروطية بحيث يصير وجود الاستطاعة وعدمها بالنسبة إليه وإلى ملاكه على حد سواء.
وأما الكبرى فلما فيها من : أن كثرة الوجود بنفسها لا توجب الانصراف الصالح لتقييد الإطلاق ، إذ الصالح منه للتقييد لا بد أن يكون بمنزلة القرينة الحافة بالكلام المانعة عن انعقاد ظهوره في الإطلاق ، وهذا الانصراف لو لم يقطع بعدمه فالشك في وجوده كاف في لزوم التمسك بالإطلاق وعدم رفع اليد عنه ، لكونه من الشك في التقييد الّذي يرجع فيه إلى الإطلاق.
وإن كان الانصراف لعدم أنس الذهن بالوجود التعليقي كأنسه بالوجود التنجيزي ، ففيه : أنه من الانصراف البدوي الزائل بالتأمل ، وذلك لا يصلح للتقييد أيضا ، كانصراف الماء في قوله للكوفي : «توضأ» إلى ماء الفرات ، فإذا نزل بها مسافر من مصر مثلا ومعه شيء من ماء مصر فهل يصح القول بعدم جواز الوضوء به لانصراف الماء إلى ماء الفرات؟ فالمتحصل : أن دعوى انصراف أخبار الاستصحاب عن الوجود التعليقي غير مسموعة.
الوجه الخامس : انتفاء الموضوع في الاستصحاب التعليقي ، ومن البديهي اعتبار بقائه في كل استصحاب ، فالعنب المتبدل بالزبيب يعدّ معدوما ، فلا وجه لجريان الاستصحاب التعليقي فيه. وقد أشار إلى هذا الوجه شيخنا الأعظم (قده) بقوله : «نعم ربما يناقش الاستصحاب المذكور تارة بانتفاء الموضوع وهو العنب».