ولو (١) سلم اليقين بثبوتها في حقهم [في حقنا] وذلك (٢) لأن
______________________________________________________
(١) وصلية ، يعني : ولو سلم وجود أول ركني الاستصحاب وهو اليقين السابق بثبوت تلك الأحكام لأهل هذه الشريعة كثبوتها لنفس أهل الشريعة السابقة ، لكن الركن الثاني وهو الشك في البقاء مفقود ، للقطع بارتفاعها بسبب النسخ ، ومع علم أهل هذه الشريعة بارتفاعها بالنسخ يرتفع الشك في البقاء الّذي هو أحد ركني الاستصحاب.
(٢) أي : فساد التوهم ، ومحصل ما أجاب به عن أول وجهي التوهم ـ أعني به اختلال اليقين بثبوت أحكام الشريعة السابقة في حق أهل هذه الشريعة ـ هو : أن الاختلال المزبور مبني على تشريعها لأهل تلك الشريعة بنحو القضية الخارجية كقوله : «أكرم هؤلاء العشرة» حيث ان الموضوع حينئذ أشخاص معينون ، فتختص تلك الأحكام بالأفراد الموجودة حال تشريعها ، ولا تسري إلى غيرهم ، لأنه حينئذ من تسرية حكم موضوع إلى موضوع آخر ، وهو أجنبي عن الاستصحاب المتقوم بوحدة الموضوع ، فالإشكال على الاستصحاب من ناحية اختلال اليقين في محله.
وأما إذا كان تشريعها بنحو القضية الحقيقية بحيث لوحظ في مقام الجعل كلّي المكلف الصادق على جميع أفراده المحققة والمقدرة ، كقوله تعالى : «ولله حج البيت من استطاع إليه سبيلا» فلا تختص أحكام شريعة بأهلها ، بل تعم غيرهم أيضا ، فإذا شك غير أهلها في نسخ حكم من تلك الأحكام جرى فيه الاستصحاب ، لكونه من أفراد طبيعي المكلف الذين شملتهم الخطابات الصادرة في تلك الشرائع ، فاليقين بثبوتها لأهل هذه الشريعة حاصل ، فلا يختل الركن الأول وهو اليقين بالثبوت ، فلا مانع من هذه الجهة من جريان استصحاب عدم نسخ حكم من أحكام الشرائع السابقة. وقد أشار الشيخ إلى هذا الجواب الّذي جعله جوابا ثانيا بقوله : «وحله : أن المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للجماعة على وجه لا مدخل لأشخاصهم فيه ، فان الشريعة اللاحقة لا تحدث عند انقراض أهل الشريعة الأولى ، إذ لو فرض وجود اللاحقين في السابق عمّهم الحكم قطعا ، غاية الأمر احتمال مدخلية بعض أوصافهم المعتبرة في موضوع الحكم ، ومثل هذا لو أثّر في الاستصحاب