والعلم إجمالا (١) بارتفاع بعضها
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى ثاني الوجوه التي استدل بها المنكرون لحجية استصحاب عدم نسخ حكم من أحكام الشرائع السابقة ، ومرجع هذا الوجه إلى وجود المانع عن حجيته ، كما أن مرجع الوجه الأول إلى عدم المقتضي لها ، لاختلال ركنيه وهما اليقين والشك. وتقريب هذا الوجه الثاني هو : أنه بعد تسليم وجود المقتضي وهو اليقين والشك في هذا الاستصحاب لا يجري أيضا ، لوجود المانع وهو : أنه ـ بعد البناء على كون نسخ شريعة رفع جملة من أحكامها وعدم بقائها بتمامها لا رفع تمامها ـ يحصل علم إجمالي بنسخ بعضها ، وحيث ان ذلك البعض غير معلوم لنا تفصيلا ، فهو مانع عن جريان الاستصحاب في كل حكم شك في نسخه ، لما ثبت في محله من عدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي ، إما للمعارضة مع الاستصحاب في الطرف الآخر ، وإما لمنافاته لنفس العلم مع الغض عن المعارضة ، على اختلاف المسلكين في الشبهة المحصورة.
والحاصل : أن النسخ بالمعنى المزبور وإن لم يكن قادحا في وجود المقتضي وهو اليقين والشك ، لكنه يوجد مانعا عن جريان الاستصحاب ، وذلك المانع هو العلم الإجمالي بنسخ بعض أحكام الشريعة السابقة كما عرفت ، فانه يمنع عن جريانه.
__________________
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا الباب ، من أراد الوقوف عليها ، فليراجع أصول الكافي ، باب التفويض إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وإلى الأئمة عليهم الصلاة والسلام في أمر الدين.
لكن المفوّض إليه صلىاللهعليهوآله أحكام خاصة تأسيسية ليست في الشرائع السابقة حتى يقع فيها نزاع جريان استصحاب عدم النسخ فيها وعدمه.
وبالجملة : فما أفاده سيدنا الأجل المتقدم رفع في الجنان مقامه من أن جميع الأنبياء عليهمالسلام مبلغون عن الله عظمت آلاؤه لا ينافي تفويض تشريع بعض الأحكام إلى سيد الأنبياء صلىاللهعليهوآله مما يكون خارجا عن حريم البحث عن استصحاب أحكام الشرائع السابقة ، فتدبر.