إنما (١) يمنع عن استصحاب ما شك
______________________________________________________
وقد تعرض الشيخ (قده) لهذا الوجه المانع عن حجية استصحاب عدم النسخ بقوله : «فان قلت : انا نعلم قطعا بنسخ كثير من الأحكام السابقة ، والمعلوم تفصيلا منها قليل في الغاية فيعلم بوجود المنسوخ في غيره» والغرض من قوله (قده) : «والمعلوم تفصيلا منها قليل» عدم انحلال العلم الإجمالي بالنسخ بما علم تفصيلا نسخه من الأحكام ، لعدم كونه بمقدار المعلوم بالإجمال حتى ينحل به العلم الإجمالي ، ويصير الشك في نسخ غير المعلوم بالتفصيل بدويا موردا للاستصحاب.
وعليه فمقتضى عدم انحلال العلم الإجمالي عدم جريان استصحاب عدم النسخ في كل حكم شك في نسخه ، لاحتمال كونه مما نسخ بهذه الشريعة ، فان كل علم إجمالي منجز مانع عن جريان الاستصحاب في أطرافه كما أشرنا إليه آنفا.
(١) هذا إشارة إلى دفع إشكال مانعية العلم الإجمالي بالنسخ عن جريان استصحاب عدمه فيما شك في نسخه من أحكام الشرائع السابقة. ومحصل ما أفاده في دفع الإشكال هو : أن تنجيز العلم الإجمالي حتى يمنع عن جريان الأصول في أطرافه منوط بأمرين ، أحدهما : كون مورد الأصل من أطرافه. ثانيهما : عدم انحلاله بعلم تفصيلي ، فمع اختلال هذين الأمرين لا يكون العلم الإجمالي مانعا عن جريان الأصول في أطرافه. وهذا الأمر الثاني مفقود في المقام ، حيث ان العلم الإجمالي بالنسخ إنما يكون قبل مراجعة الأدلة ، وتمييز الناسخ من أحكامنا لأحكام الشريعة السابقة. وأما بعد المراجعة إليها وحصول العلم بالناسخ من أحكامنا لها لا يبقى في دائرة المشكوكات علم إجمالي بالنسخ حتى يمنع عن جريان استصحاب عدم النسخ فيها ، بل يكون الشك حينئذ في نسخ حكم بدويا.
وهذا التقريب ناظر إلى خروج المشكوكات عن دائرة المعلوم بالإجمال من أول الأمر ، لا سبب انحلاله بالعلم التفصيليّ بمقداره ، كما إذا علم إجمالا بحرمة بعض أفراد البيض من قطيع الغنم لبعض موجبات الحرمة كالغصبية أو غيرها ، وشك في حرمة السود منها من دون علم إجمالي بها ، فلا إشكال في جريان