ضرورة (١) أن التكليف
______________________________________________________
جعل الأحكام للمكلفين وزان جعل الزكاة للفقراء والوقف على العناوين الكلية كالزوّار والفقهاء ونحو ذلك ، فان الملحوظ فيها هو الكلي دون الأفراد ، ولذا لا يملك أفراد كلي الفقير والفقيه والزائر الزكاة وعوائد الوقف إلّا بالقبض ، ولو كان المالك هي الأفراد لجاز لهم أخذهما تقاصّا ممن هما عليه ، ويمتنع عن أدائهما ، ومن المسلّم عدم جوازه إلّا إذا أذن لهم وليّهم وهو الحاكم الشرعي في التقاص.
ثم ان ما استظهره المصنف هنا من كلام الشيخ من إرادة تعلق الحكم بالكلي من دون سراية إلى الأفراد أفاده في الحاشية أيضا بقوله : «وبعبارة أخرى : ان المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للعناوين الباقية ولو بالأشخاص المتبادلة ، دون نفس الأشخاص كي يلزم تعدد الموضوع بمجرد ذلك ، فالموضوع هنا كالموضوع في الأوقاف كالفقير والطلبة وغيرهما» ولم يورد المصنف عليه بشيء ، وظاهره تسليم جواب الشيخ بناء على إرادة تعلق الحكم بالكلي بلا سراية إلى الأفراد. ومن المعلوم مغايرة هذا التوجيه لما أفاده في المتن من حمل كلام الشيخ على إرادة القضية الحقيقية ، ولعله (قده) عدل عما ذكره في الحاشية ، لوضوح كون الخطابات الشرعية من القضايا الحقيقية.
(١) تعليل لإمكان إرجاع كلام الشيخ إلى ما ذكره المصنف (قده) من إرادة القضية الحقيقية. وحاصل التعليل الّذي تقدم بيانه بقولنا : «وأما توجيه المصنف لهذا الجواب فمحصله أنه لما كان ظاهر كلام الشيخ ... إلخ» هو : أنه لا يمكن إرادة القضية الطبيعية هنا ، لامتناع تعلق التكليف بعثا وزجرا بالطبيعة ، إذ لا يعقل انبعاثها وانزجارها. وكذا ما يترتب عليهما من الثواب والعقاب ، فان كل ذلك من آثار أفراد الطبيعة ووجوداتها ، لا نفس الطبيعة من حيث هي ، إذ لا معنى لبعثها وزجرها من دون دخل للأشخاص فيها ، فامتناع تعلق التكليف بها وكذا ما يتبعه من الثواب والعقاب المترتبين على الإطاعة والعصيان يلجئنا إلى إرجاع ظاهر كلام الشيخ وهو القضية الطبيعية إلى القضية الحقيقية. هذا مضافا إلى : أن الملاكات الداعية