.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
العقلاء على المدح والذم ، إذ استحقاقهما من أهم سبل حفظ النظام وموانع اختلاله.
ومبنى قاعدة الملازمة أن الشارع بما أنه رئيس العقلاء وواهب العقل ومنزّه عن الأغراض النفسيّة فهو أيضا يحكم بالمدح والذم ، ومدحه ثوابه وذمّه عقابه. وحيث ان المدح والذم من صفات الأفعال الاختيارية ، فلا بد أن يصدر العنوان الممدوح أو المذموم بما هو عن قصد وعمد ، لا صدور ذات الفعل المعنون فقط ، مثلاً إذا صدر منه الضرب بالاختيار بدون قصد التأديب لكن ترتب عليه الأدب قهراً لم يصدر من الضارب التأديب الممدوح ، ومن الواضح أن صدوره بعنوانه بالاختيار ليس إلّا بكون الفعل بما له من العنوان الممدوح الملتفت إليه الّذي لا وعاء له إلّا وجدان فاعله صادراً منه بالإرادة المتعلقة بعنوانه ، ووجوده الواقعي ليس محكوماً بالحسن والقبح حتى يشك في بقائه ، بل ما لم يحرز ذلك العنوان فهو مقطوع الارتفاع.
إذا تحقق هذا تعرف أن لا معنى للشك في نفس الحكم ولا في موضوعه الكلي ولا في الموضوع الخارجي ، للقطع بالارتفاع. لا لأجل أن الحاكم هو العقل الّذي لا يشك في حكم نفسه ، فانه ممنوع أوّلاً بعدم الحكم للعقل ، وانما شأنه التعقل والإدراك. وثانياً : أن المناط في حكم العقل عنوانٌ لموضوعه ، ولأجله يشك في بقاء الموضوع ، فكيف يتصور القطع بانتفاء حكم العقل؟ مع أن العلة والمعلول متلازمان قطعاً وظناً وشكاً ، فإذا كانت العلة مشكوكة كان المعلول مشكوكاً فيه لا مقطوع العدم سواء أريد به حكم العقل أم الشرع ، إذ المفروض أنه لا علة له إلّا ما هو حكم العقل.
ومنه ظهر أن ما أفاده الماتن من كون انتفاء الحكم العقلي من انتفاء الكاشف وهو لا يستدعي انتفاء المكشوف غير ظاهر ، لما عرفت من أن الإضرار ليس بوجوده الواقعي مناطاً للقبح والعقاب ليعلم تارة ويشك فيه أخرى ، بل بوجوده في وعاء وجدان العقل ، فالمناط مع عدم إحرازه مقطوع العدم ، لأن المدح والذم