عليه (١) بين أن يكون مجعولا شرعا بنفسه كالتكليف وبعض أنحاء
______________________________________________________
وأما دفع التوهم فتوضيحه : أنه لا يعتبر في الاستصحاب مطلقا سواء أكان مجراه موضوعا أم حكما أن يكون الحكم الثابت به مجعولا شرعا بالاستقلال كالأحكام الخمسة التكليفية بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام ، بل يعتبر أن يكون الثابت به ما تناله يد التشريع من غير فرق بين وقوعه بنفسه تحت يد الجعل وبين وقوع منشأ انتزاعه تحتها كالجزئية للمأمور به ، وكذا الشرطية والمانعية له ، حيث إنها غير مجعولة بالاستقلال ، وإنما المجعول كذلك هو منشأ انتزاعها كوجوب الصلاة والأمر بالوضوء والنهي عن لبس ما لا يؤكل مثلا في الصلاة. وعليه فاستصحاب الشرط أو المانع لترتيب الشرطية أو المانعية ليس بمثبت.
(١) هذا في استصحاب الموضوع ، وما قبله في استصحاب الحكم ، وضمير
__________________
ضابط الأصل المثبت هو ترتب الأثر الشرعي على المستصحب بواسطة عقلية أو عادية كما تقدم في التنبيه السابق. وأما إذا لم يترتب على المستصحب أثر شرعي أصلا فلا وجه لجعله من الأصل المثبت ، إذ المحذور حينئذ لغوية التعبد الاستصحابي.
نعم قد يوجه مثبتية الأصل هنا بأن الأثر الشرعي مترتب على المشروط مثلا كالأمر بالصلاة إلى القبلة ، والمفروض ترتب هذا الأثر باستصحاب ذات الشرط كالاستقبال ، ويثبت الأمر بالمشروط حينئذ ، وقد توسط الأمر غير المجعول لإثبات المجعول ، ومن المعلوم أن إثبات أحد المتلازمين بإجراء الأصل في الآخر داخل في الأصل المثبت ، والمراد من أحد المتلازمين هو الأمر الانتزاعي الّذي يكون لازما لأمر شرعي ، وهو منشأ الانتزاع.
لكنه يندفع بما أفاده المحقق الأصفهاني (قده) أوّلا : من أنه لا اثنينية بين الأمر الانتزاعي ومنشئه وجودا بنظر المصنف حتى يتوهم الوساطة الموجبة لكون الأصل مثبتا. وثانيا : من أنه إذا كانت الشرطية متيقنة كان منشؤها ـ وهو الأمر بالمقيد ـ كذلك ، فلا حاجة إلى إجراء الأصل في الأمر الانتزاعي ، وإثبات منشئه المجعول ليتوهم الإثبات بالأصل (١).
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ١٠٤