.................................................................................................
______________________________________________________
الأول : ما يرجع إلى منع المقدمة الأولى ، يعني : أن المقصود بالاستدلال بهذا البناء إثبات تعويلهم على الحالة السابقة تعبداً وكفاية نفس الوجود السابق بما هو متيقن لترتيب آثاره عليه في ظرف الشك. مع أنه ممنوع ، إذ لا معنى للتعبد المحض في عمل العقلاء به ارتكازاً ، بل لا بد من استناده إلى منشأ عقلائي ، وهو أحد أمور ثلاثة ، فقد يكون منشؤه الاحتياط كما إذا كان له ابن في بلد آخر ، وجرت عادة الأب على الإنفاق عليه وسدّ حاجاته المالية ، فانه لو شكّ الوالد في حياة ابنه أرسل إليه الأموال رجاءً واحتياطاً حذراً من ابتلاء ابنه بضيق المعاش على تقدير بقائه حياً. وقد يكون منشؤه الاطمئنان بالبقاء أو الظن به ، وذلك كالتاجر الّذي يرسل البضائع إلى تاجر في بلدة أخرى ، فانه وان لم يتفحص عن بقائه كل مرة ، ولكنه مطمئن بحياته ، ولذا يرسلها إليه بحيث لو علم بموت جماعة من أهل تلك البلدة واحتمل كون وكيله منهم لم يرسل الأموال الخطيرة إليه قطعاً ، لزوال اطمئنانه ـ بل ظنه ـ بالبقاء. وقد يكون منشؤه الغفلة عن شكه الفعلي في بقاء ما كان ، كما إذا غيّر مسكنه وغفل عنه ، فانه قد يسلك الطريق المنتهى إلى داره الأولى. وهذا في الحيوانات أظهر لأجل عادتها الحاصلة من تكرار الفعل السابق ، ومع تبدل عادتها لا ترجع إلى محلها الأول إلّا لأجل الغفلة.
وعليه فليس من ارتكازيات العقلاء العمل تعبداً بالمتيقن السابق في ظرف الشك في بقائه كي يتجه الاستدلال به على اعتبار الاستصحاب.
الثاني : ما يرجع إلى منع المقدمة الثانية أعني تحقق شرط الاعتبار ، وحاصله : أن حجية هذا البناء العقلائي ـ كسائر موارده كبنائهم على العمل بخبر الثقة ـ منوطة بالإمضاء ولو بعدم الردع. لكنه ممنوع ، إذ لا دليل على الإمضاء ، بل دل على الردع عنه طائفتان من الأدلة :
الأولى : ما دل بالعموم على ردعه ، وعدم اعتباره كالآيات والروايات الناهية عن العمل بغير العلم ، كقوله تعالى : «ولا تقف ما ليس لك به علم» وهي شاملة