لما (١) عرفت من أن نفيه كثبوته في الحال (٢) مجعول (*) شرعا. وكذا استصحاب موضوع لم يكن له حكم ثبوتا (٣) أو كان ولم يكن حكمه
______________________________________________________
البقاء إلّا ترتيب الأثر الشرعي على المستصحب ، وإلّا يلزم اللغوية.
(١) تعليل لكونه حكما فيما لا يزال ، وحاصله : ما أفاده سابقا في التنبيه الثامن بقوله : «وكذا لا تفاوت في المستصحب أو المترتب بين أن يكون ثبوت الأثر ووجوده أو نفيه وعدمه ، ضرورة أن أمر نفيه بيد الشارع كثبوته» من كفاية مجرد القابلية للجعل في الاستناد إلى الشارع ، لاستواء نسبة القدرة إلى الطرفين ، فالعدم الأزلي في زمان الشك في بقائه مجعول شرعي بهذا المعنى من الجعل. لكن صحة إسناده إلى الشارع باعتبار قدرته على نقض عدمه بالوجود أمر ، وإطلاق الجعل والمجعول على عدم الحكم أمر آخر ، ضرورة مساوقة الجعل للتكوين والإيجاد ولو في عالم الاعتبار ، وهذا لا يصدق على مجرد القدرة على نقض العدم بالوجود.
نعم لا ريب في انتساب بقاء هذا العدم إلى الشارع. وضميرا «نفيه ، كثبوته» راجعان إلى التكليف. وبهذه العبارة يبين مراده من الحكم ، فلا تنافي بين نفى الجعل وإثباته.
(٢) أي : حال البقاء الّذي هو حال الشك ومورد جريان الاستصحاب.
(٣) أي : في حال اليقين بالمستصحب ، كما إذا كان الصبي مستطيعا من حيث المال ، وبعد بلوغه يشك في بقاء استطاعته المالية ، فانه لا مانع من استصحابها والحكم بوجوب الحج عليه ، مع أن استطاعته في زمان اليقين بها لم تكن موضوعا
__________________
(*) لا يخفى أن ما اشتهر من أنه لا بد أن يكون المستصحب حكما أو موضوعا ذا حكم مما لا أصل له. إذ لم يقم عليه دليل من آية أو رواية أو إجماع أو عقل ، وغاية ما يقتضيه دليل الاقتضاء هو عدم لزوم اللغوية من التعبد المدلول عليه بمثل «لا تنقض» ومن المعلوم تحقق الخروج عن اللغوية بقابلية المورد للجعل والتشريع وإن لم يطلق عليه الحكم اصطلاحا كما أفاده المصنف (قده).