.................................................................................................
______________________________________________________
ولا بأس لتوضيحه أوّلا بذكر مثال ثم تعقيبه ثانيا ببيان وجه عدم جريان الاستصحاب. أما المثال فهو كما إذا وقع بيع من الراهن ورجوع من المرتهن عن إذنه في البيع ولم يعلم تقدم أحدهما على الآخر ، والمفروض إناطة صحة البيع بأن لا يقع في زمان رجوع المرتهن عن إذنه في البيع ، فلا بد هنا من فرض أزمنة ثلاثة للبيع والرجوع عن الاذن ، أحدها : زمان العلم بعدمهما معا كيوم السبت.
ثانيها : زمان حدوث أحدهما كيوم الأحد.
ثالثها : زمان حدوث الآخر كيوم الاثنين ، فيوم السبت زمان العلم بعدم كل من البيع والرجوع ، ويوم الأحد زمان العلم الإجمالي بحدوث أحدهما ، ويوم الاثنين زمان العلم الإجمالي أيضا بحدوث الآخر ، ففي يوم الاثنين يعلم بوجودهما مع الجهل بتقدم أحدهما على الآخر ، إذ لم يعلم أن البيع وقع في يوم الأحد حتى يكون مقدما على الرجوع عن الاذن ويترتب عليه آثار الصحة ، لوقوعه في زمان عدم الحادث الآخر وهو الرجوع عن الاذن ، أو وقع يوم الاثنين حتى يكون باطلا ، لوقوعه بعد وجود الحادث الآخر وهو الرجوع عن الاذن الواقع يوم الأحد ، والمفروض إناطة صحة البيع بوقوعه في زمان عدم الرجوع عن الاذن ، هذا.
وأما وجه عدم جريان الاستصحاب في عدم الرجوع عن الاذن مع كونه متيقنا يوم السبت فهو على ما أفاده : فقدان شرط جريانه أعني إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وتوضيحه منوط بالإشارة إلى أمرين :
أحدهما : أن موضوع أخبار الاستصحاب هو نقض اليقين بالشك ، ومحمولها النهي المستفاد من «لا» الدالة على الزجر عن النقض ، ومن المعلوم أن ترتب كل محمول على موضوعه يتوقف على إحراز ذلك الموضوع بوجه من الوجوه ، وإلّا فنفس الخطاب قاصر عن إثبات موضوعه ، فـ «أكرم العالم» مثلا يدل على وجوب إكرام كل من اتصف بالعلم على نحو القضية الحقيقية ، ولكنه لا يتكفل إثبات عالمية