ثم لا يخفى (١) أن الاستصحاب لا يكاد يلزم به الخصم إلّا إذا
______________________________________________________
(١) هذا أحد الأمور التي عقد هذا التنبيه لبيانها ، وقبل الخوض فيه مهّد له مقدمة ، وهي : أن الاستدلال بالاستصحاب يكون تارة لإثبات الدعوى وإقناع النّفس ومعذوريته في بقائه على الشريعة السابقة كما هو شأن البرهان الحقيقي ، وأخرى لإلزام الخصم ودعوة المسلم إلى اليهودية كما هو شأن البرهان الجدلي. وفي كليهما يعتبر أمور :
الأول : اليقين بالثبوت والشك في البقاء ، ضرورة أنهما ركنا الاستصحاب.
الثاني : كون المستصحب أثرا شرعيا أو ذا أثر شرعي.
الثالث : الاعتقاد بحجية الاستصحاب ، وقيام الدليل عليها.
فان هذه الأمور معتبرة في البرهان الّذي يراد به إثبات الدعوى ، فان الاستصحاب مع فقدان أحد هذه الأمور لا يكون حجة ، فلا يصلح لإثبات الدعوى ، كما أنها معتبرة في البرهان الجدلي الّذي يراد به إلزام الخصم ، إذ مع فقدان كلها أو بعضها لا يرى المورد من موارد الاستصحاب حتى يكون حجة على الخصم ويلزم به وتبطل به دعواه ، إذ لا بد في إلزامه من اعترافه بجريان الاستصحاب في المورد ، ومع إنكاره لشرط من شرائطه واعتقاده بعدم جريانه فيه كيف يعقل إلزامه به؟ ففي البرهان الجدلي الملزم للخصم المبطل لدعواه يعتبر اعترافه باجتماع جميع شرائط البرهان عنده ، كاجتماعها عند من يقنع به نفسه ويثبت به دعواه ، ولذا قال المصنف (قده) : «لا يكاد يلزم به الخصم إلّا إذا اعترف ... إلخ».
وبهذه المقدمة يتضح أنه لا مجال لتشبث الكتابي باستصحاب نبوة موسى على نبينا وآله وعليهالسلام ، لا إلزاما للخصم وهو المسلم ولا إقناعا لنفسه.
أما الأول فلانتفاء الشرط الأول والثاني فيه إن أريد بالنبوة الصفة الكمالية القائمة بنفسه المقدسة التي من شئونها تلقي المعارف الإلهية والفيوضات الربانية ، وذلك لليقين ببقاء النبوة بهذا المعنى ، فلا شك في بقائها حتى يجري فيها الاستصحاب. كما لا أثر شرعا لهذه النبوة ، فينتفي الشرط الثاني أيضا وهو كون