.................................................................................................
______________________________________________________
مبدأ اللزوم هو حين التفرق؟
قلت : أجاب المصنف عن هذا الإشكال في حاشية الرسائل بما توضيحه : أن التقييد يرجع لا محالة إما إلى موضوع وجوب الوفاء أعني عقد البيع وإما إلى الحكم. فان كان راجعا إلى الموضوع فلا إشكال ، لأن العقد الّذي يجب الوفاء به هو العقد حال الافتراق عن المجلس ، لا نفس الإيجاب والقبول الواقعين قبل الافتراق ، ومن المعلوم أن أول زمان وجود هذا الموضوع المقيد هو حال الافتراق عن المجلس وقد حكم عليه باللزوم ، فكأنه قال : «المراد من العقد الّذي يجب الوفاء به هو العقد حال الافتراق» فيثبت المطلوب وهو كون مبدأ للزوم الافتراق ، فيجب الوفاء بهذا العقد حال الافتراق مطلقا سواء تفرقا بشبر أم بأزيد منه ، لحجية إطلاق المتعلق أعني العقد في كل من الشك في أصل التقييد وزيادته.
وإن كان التقييد راجعا إلى الحكم أي تخصيص وجوب الوفاء بحسب الأزمان فيرتفع الإشكال أيضا ، لأن مقتضى إطلاق دليل وجوب الوفاء ثبوته لموضوعه ـ وهو العقد ـ على نحو الاستمرار من أول زمان وقوع العقد بالأوليّة الحقيقية ، وإذا تعذر فبالأولية الإضافية ، فإذا لم يكن الزمان الأول مبدأه كان الزمان الثاني مبدأه لا محالة ، وأما تأخيره عن هذا الزمان الثاني فلا وجه له ، للزوم الاقتصار في تقييد إطلاق الحكم على مقدار يساعده الدليل ، فالآية الشريفة دلّت على وجوب الوفاء بكل عقد في جميع الأزمنة من زمان اجتماعهما في مجلس العقد ، ومن زمان افتراقهما عنه بشبر أو أزيد ، فإذا خرج زمان اجتماعهما في المجلس عن لزوم الوفاء بالعقد وشك بعد افتراقهما بخطوة أو خطوتين في بقاء الخيار فلا بد من التمسك بإطلاق وجوب الوفاء ، لكون الشك حينئذ في التخصيص الزائد ، إذ المتيقن من التخصيص هو زمان عدم افتراقهما عن نفس المجلس. هذا كله في التخصيص من الابتداء.
وإن كان التخصيص في الأثناء كالتخصيص بدليل خيار الغبن ، فلا وجه للرجوع إلى العام لإثبات فورية الخيار ، وذلك لفرض أن وجوب الوفاء بالمعاملة الغبنية