ولا رفع (١) اليد عن اليقين في محل الشك نقض اليقين بالشك ، فاعتبار البقاء بهذا المعنى (٢) لا يحتاج إلى زيادة بيان وإقامة برهان.
______________________________________________________
(١) معطوف على «الشك» يعني : ولا يكون رفع اليد عن اليقين السابق في مورد الشك نقض اليقين بالشك ، وهذا هو الدليل الثاني على اعتبار بقاء الموضوع ، وحاصله : أنه مع تعدد الموضوع في القضيتين المتيقنة والمشكوكة لا يصدق محمول أخبار الاستصحاب وهو النهي عن نقض اليقين بالشك.
وبالجملة : هذان الدليلان مما يستفاد من نفس الأخبار.
وقد اعتمد الشيخ على هذا الدليل الثاني ، حيث إنه جعله عدلا لاستحالة انتقال العرض ، وقال : «وإما لأن المتيقن سابقا وجوده في الموضوع السابق ، والحكم بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد ليس نقضا للمتيقن السابق».
(٢) وهو ما أفاده بقوله : «بمعنى اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة موضوعا ... إلخ». إذا عرفت معنى بقاء الموضوع بكلا تقريبيه اللذين أفادهما العلمان الشيخ والمصنف (قدهما) فاعلم : أن الفرق بينهما هو جريان الاستصحاب في المحمولات المترتبة كالعدالة والقعود والقيام وغيرها ولو مع عدم العلم ببقاء موضوعاتها خارجا ،
__________________
لكنه غير ظاهر ، فان الاستصحاب وإن كان هو التعبد بنفس المتيقن الّذي صار مشكوكا فيه ، إلّا أن الشك المأخوذ في أدلة الاستصحاب حيث لا إهمال فيه ولا إطلاق له بالإضافة إلى الحدوث والبقاء ، فلا بد أن يكون هو الشك المضاف إلى البقاء ، إذ لو لا هذه الإضافة لشمل الشك في ما تيقن به سابقا كلّا من الشك الطارئ والساري ، لصدق الشك في المتيقن على كل من الاستصحاب وقاعدة اليقين ، وإنما يختلفان من حيث المتعلق ، فان كان الحدوث متعلق الشك انطبق على القاعدة ، وإن كان البقاء متعلقه انطبق على الاستصحاب ، ولمّا كان المتسالم عليه دلالة جملة من الأخبار ظهورا أو صراحة بقرينة المورد على الاستصحاب فلا محيص من إضافة الشك إلى البقاء كيلا يلتبس بالشك في الحدوث الّذي هو مورد القاعدة. وعليه فتعبير المصنف بقوله : «الشك في البقاء» متين جدا.