.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
فلعل الأولى إنكار بناء العقلاء رأساً على الاستصحاب ، وان كان مثل قوله عليهالسلام : «وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً» لا يخلو من ظهور في إرجاع السائل إلى ارتكازه ، لكن لا مناص من رفع اليد عن هذا الظهور من جهة أجنبية ما بنى عليه العقلاء ـ من العمل باليقين لكونه طريقاً مأموناً دون متابعة الشك ـ لقاعدة الاستصحاب ، لا سيما مع الخصوصيات المعتبرة فيه التي لا أثر منها في سيرة العقلاء. وعليه يكون «عدم نقض اليقين الشك» بياناً لقاعدة كلية أسّسها الشارع الأقدس ، وليس هذا من مرتكزات العقلاء حتى تكون الأخبار إمضاءً لها : وهذا المعنى يمكن استفادته من بعض الأخبار الآتية ، فان الراوي بعد أن تلقى القاعدة من الإمام عليهالسلام سأل منه : «هذا أصل؟» ولو كان هذا قاعدة ارتكازية لم يكن مجال لسؤال الراوي ، فتدبر.
اللهم إلّا أن يدفع التنافي بين كلمات المصنف (قده) بوجه آخر ، بأن يقال : ان المراد بالأمر الارتكازي وكذا الكلية الارتكازية هو جريان عمل العقلاء في الجملة على الأخذ بالمتيقن السابق ما لم ينقض بيقين آخر ، فان سيرتهم جرت على ذلك من دون استنادها إلى دليل تعبدي من كتاب أو سنة ، بل إلى مرتكزاتهم ، فان اليقين لما فيه من الإبرام لا يرفع اليد عنه بمجرد الاحتمال ، بل يبنون على بقائه ما لم يعلموا بزواله ، إلّا إذا ضعف احتمال بقائه مع كون مخالفته أهم في نظرهم من موافقته ، ولا مانع من إمضاء هذا البناء العقلائي مع قيود كسائر موارد إمضاء الشارع كالبيع وغيره ، فتدبر.
وأما إشكال المصنف على بناء العقلاء فليس راجعاً إلى إنكار أصل البناء ، بل إلى تعبديته ، حيث قال : «وفيه أولا منع استقرار بنائهم على ذلك تعبداً» ضرورة أن المنع راجع إلى القيد ـ وهو التعبد ـ لا إلى أصل استقرار بنائهم ، إذ من المعلوم أن العقلاء بما هم عقلاء ليس بناؤهم على العمل بشيء تعبداً ، بل لا بد من استنادهم فيه إلى وجه ربما يختلف باختلاف أنظارهم. وأما نفس الجري