.................................................................................................
______________________________________________________
بعد انسلاخه عن الخبرية إلى الإنشائية ، بأن يكون المراد إنشاء وجوب العمل بالحالة السابقة ، والبناء على وجود الوضوء السابق من حيث الآثار ، غاية الأمر أن الإنشاء تارة يكون بلسان جعل الحكم كـ «أقيموا الصلاة» ولا «تشرب الخمر» ونحوهما ، وأخرى يكون بلسان جعل الموضوع كقوله عليهالسلام : «الطواف بالبيت صلاة» و «أنت متيقن بالوضوء» مثلاً ، فمعنى الجملة حينئذ : «أنه ان لم يستيقن النوم فليبنِ على وضوئه» ويكون قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشك» تأكيداً له. وضابط الجزاء ينطبق حينئذ على المقام ، لأن التعبد بالبقاء على الحالة السابقة مترتب على اليقين بالوضوء والشك في النوم.
لكن الحمل على الإنشاء بعيد إلى الغاية ، لأن حمل الخبر على الإنشاء مخالف للأصل لا يصار إليه إلّا بقرينة ، وهي مفقودة في المقام ، إذ لا محوِج إلى ذلك بعد الاستغناء عن جعله جزاءً بالمحذوف المدلول عليه بالجملة السابقة ، وهي قوله عليهالسلام : «لا» في جواب قول السائل : «فان حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم».
نعم قد يراد الطلب من الجملة الفعلية الخبرية مثل «يعيد» إذا كان المتكلم في مقام الإنشاء ، وكذا قد تستعمل الجملة الاسمية لإنشاء المادة والمحمول كما في ألفاظ العقود والإيقاعات مثل «أنت طالق وأنت حر» ونحوهما. وأما مثل «فانه على يقين» فحمله على الإنشاء خلاف الظاهر ، لو لا دعوى أنه غير معهود.
فالمتحصل : أنه لا وجه لاحتمال كون «فانه على يقين ...» جزاء الشرط.
الثالث : أن يكون الجزاء قوله عليهالسلام : «ولا تنقض اليقين بالشك» وقد ذكر جملة «فانه» توطئة ومقدمة لبيان الجزاء ، والمعنى حينئذ «وان لم يستيقن أنه قد نام فلا ينقض اليقين بالوضوء بالشك في النوم» ويكون المراد خصوص اليقين الوضوئي ، فيختص بباب الوضوء ، بل يختص بخصوص الشك في النوم ، ولا يعم جميع النواقض لأن اليقين الّذي لا ينقض ولا ينبغي نقضه هو اليقين الملحوق بالشك في النوم لا غيره ، فيجري الاستصحاب فيما إذا كان الشك متعلقاً بالنوم لا مطلقاً.