خَلْقٍ جَدِيدٍ)(١) [سبأ : ٧]. وقول الشاعر :
وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا |
|
إذا إنه عبد الفقا واللهازم (٢) |
فيمن كسر إنّ.
وأما البيت فإنه قدّم فيه أحد الجزأين ألبتّة ، وهو أسد. وهذا ما لا يسمح به ، (ولا يطوى كشح) عليه. وعلى أنه أيضا قد يمكن أن تكون (كان) زائدة فيصير تقديره : إذ أسد أميرها. فليس فى هذا أكثر من شيء واحد ، وهو ما قدّمنا ذكره من تقديم ما بعد (إذ) عليها وهى مضافة إليه. وهذا أشبه من الأوّل ؛ ألا ترى أنه إنما نعى على خراسان إذ أسد أميرها ؛ لأنه إنما فضّل أيام خالد المنقضية بها على أيام أسد المشاهدة فيها. فلا حاجة به إذا إلى (كان) ؛ لأنه أمر حاضر مشاهد. فأمّا (إذ) هذه فمتعلّقة بأحد شيئين : إمّا بليس وحدها ، وإمّا بما دلّت عليه من غيرها ، حتى كأنه قال : خالفت خرسان إذ أسد أميرها حالتها التى كانت عليه لها أيام ولاية خالد لها ؛ على حدّ ما تقول فيما يضمّ للظروف (لتتناولها ، وتصل) إليها.
فإن قلت : فكيف يجوز لليس أن تعمل فى الظرف وليس فيها تقدير حدث؟.
قيل : جاز ذلك فيها ، من حيث جاز أن ترفع وتنصب ، وكانت على مثال الفعل ، فكما عملت الرفع والنصب وإن عريت من معنى الحدث ، كذلك أيضا تنصب الظرف لفظا (كما عملت الرفع والنصب لفظا) ، ولأنها على وزن الفعل.
وعلى ذلك وجّه أبو علىّ قول الله سبحانه : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨] لأنه أجاز فى نصب (يوم) ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون متعلّقا بنفس
__________________
(١) وهو يريد كما سبق فى الآية السالفة. لأن (إنّ) لها التصدر ، والعذر هو ما سبق.
(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك (١ / ٣٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٤٨ ، والجنى الدانى ص ٣٧٨ ، ٤١١ ، وجواهر الأدب ص ٣٥٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٦٥ ، والدرر ٢ / ١٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٨ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٧ ، ٨ / ٦١ ، والكتاب ٣ / ١٤٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٢ / ٣٥١. أرى : أظنّ. واللهازم : جمع لهزمة وهما عظمان ناتئان فى اللحيين تحت الأذنين. اللسان (لهزم).