وأما ما حذفت لامه وصار الزائد عوضا منها فكثير.
منه باب سنة ، ومائة ، ورئة ، وفئة ، وعضة ، وضعة. فهذا ونحوه مما حذفت لامه وعوّض منها تاء التأنيث ؛ ألا تراها كيف تعاقب اللام فى نحو برة وبرا ، وثبة وثبا. وحكى أبو الحسن عنهم : رأيت مئيا بوزن معيا. فلما حذفوا قالوا : مائة.
فأما بنت وأخت فالتاء عندنا يدل من لام الفعل ، وليست عوضا.
وأمّا ما حذف لالتقاء الساكنين من هذا النحو فليس الساكن الثانى عندنا بدلا ولا عوضا ؛ لأنه ليس لازما. وذلك نحو هذه عصا ورحا ، وكلمت معلّى فليس التنوين فى الوصل ، ولا الألف التى هى بدل منها فى الوقف ـ نحو رأيت عصا ، عند الجماعة (١) ، وهذه عصا ومررت بعصا ، عند أبى عثمان والفرّاء ـ بدلا من لام الفعل ، ولا عوضا ؛ ألا تراه غير لازم ؛ إذ كان التنوين يزيله الوقف ، والألف التى هى بدل منه يزيلها الوصل. وليست كذلك تاء مائة وعضة وسنة وفثة وشفة ؛ لأنها ثابتة فى الوصل ، ومبدلة هاء فى الوقف. فأما الحذف فلا حذف. وكذلك ما لحقه علم الجمع ؛ نحو القاضون والقاضين والأعلون والأعلين. فعلم الجمع ليس عوضا ولا بدلا ؛ لأنه ليس لازما.
فأمّا قولهم : هذان وهاتان واللذان واللتان والذين والّذون فلو قال قائل : إنّ علم التثنية والجمع فيها عوض من الألف والياء (٢) من حيث كانت هذه أسماء صيغت للتثنية والجمع ، لا على حدّ رجلان وفرسان وقائمون وقاعدون ، ولكن على حدّ قولك : هما وهم وهنّ لكان مذهبا ؛ ألا ترى أن (هذين) من (هذا) ليس على (رجلين) من (رجل) ولو كان كذلك لوجب أن تنكّره ألبتّة كما تنكّر الأعلام ؛ نحو زيدان وزيدين وزيدون وزيدين ، والأمر فى هذه الأسماء بخلاف
__________________
(١) ذلك أنهم يرون اعتبار المقصور بالصحيح ، فحكموا أن الألف فى النصب ألف مجتلبة للوقف بدلا من التنوين ، كما تقول رأيت زيدا ، فأما فى حالتى الرفع والجرّ فالألف بدل من لام الكلمة عادت بعد حذف التنوين الذى كان سببا فى حذفها. فأما أبو عثمان والفراء فيريان أن الألف للوقف فى الأحوال الثلاث وأن لام الكلمة لا تعود فى الوقف فى الأحوال جميعها. وانظر الأشمونى على الألفية فى مبحث الوقف.
(٢) الألف فى اسم الإشارة. والياء فى اسم الموصول.