ـ بالواو الساكنة ـ كما قيل ، وكأنّهم بعد ما انفتح فيه باب التغير حرّكوا الواو ، لتنقلب إلى الألف الّتي هي أخفّ الحروف.
وكذلك قولهم : استقوسوا أي : صاروا كالقسيّ في الانحناء من الشيخوخة ، وتقوسوا أي : معهم قسيّ ، ومتقوّس ، ومستقوس إلى غير ذلك ، يدلّ على رجوع القسي إلى أصل واحد هو القوس.
فيعلم انّه مقلوب قووس ـ بواوين ـ على «فعول» ، وبعد نقل اللّام إلى موضع العين ـ لكراهتهم اجتماع الواوين ، والضّمّتين ـ حصل قسوو ، فقلبت الواو الثانية ياء ـ لتطرّفها ـ وقلبت الاولى ـ بعد اجتماعها مع الياء وسكون السابقة منها ـ ياء ، ثمّ كسرت السين للمناسبة ، والقاف للاتباع (١) فوزنه «فليع».
وكذلك : توحّد ، ووحّد ، والواحد ونحوها ، ممّا يناسب الحادي ، يدلّ على عوده معها إلى أصل واحد ، وهو الوحدة ، فاصله الواحد ، فقلبت الحاء إلى موضع الواو ، والواو إلى موضع الدال ، وقلبت ياء ـ لتطرّفها وانكسار ما قبلها ـ فوزنه «عالف».
وجملة القول : انّه إذا لم يرد تصاريف لفظ إلّا على خلاف ترتيبه ، علم انّه مقلوب من أصل يكون على ترتيبها ، وهو يشاركها في العود إلى ذلك الأصل.
ففي المعرفة بأمثلة الاشتقاق ، ينتقل من ملاحظة الأمثلة إلى الأصل والقلب معا ، وفي المعرفة بالأصل يعرف القلب بالأصل المعلوم قبله ، فلذلك جعلهما وجهين (٢) ، فتأمّل.
[٣] [و] يعرف القلب ـ أيضا ـ في الموزون ، [بصحّته] أي : عدم اعلاله مع وجود سبب الاعلال ، ووجود ما يوافقه معنى وحروفا ويخالفه في ترتيب الحروف ، حتّى يمكن اعتبار القلب ، فلا قلب في مثل : حور ، واحتور والحيرى ونحوها ، ممّا
__________________
(١) وليس هذا الاتباع بواجب ، فيجوز بقاء الضمّة. «ابن جماعة»
(٢) فلا يرد ان معرفة القلب في الوجهين بالأصل ، فيرجعان إلى وجه واحد ، فلا وجه لجعلهما وجهين «فتأمّل فيه».