سيبويه وسمع منهم ، توسلا إلى تفخيم الجلالة ، ولأنّ الياء قبله من جنس الكسرة وما قبل الياء أيضا مكسورة ، فلو كسر كان من قبيل توالي الأمثال ، وأجاز الأخفش الكسر على الأصل وبه قرأ عمرو بن عبيد في الشواذ.
ومن زعم انّ السكون في تلك الأسماء للوقف لا للبناء فالوصل عنده بنيّة الوقف ، فالجلالة مبتدأ بها عنده في النيّة كما في الوقف ، فلا تسقط همزتها درجا حتّى يلتقي ساكنان ، فلذلك قال : ان فتحة الميم منقولة من الهمزة وحذفت الهمزة على القياس في حذفها ، حيث لم يقع الابتداء بها في التلفظ ، وذلك كما نقلت من همزة القطع في قولهم : في التعبير عن كلمة لا النافية لام ألف ـ بفتح الميم وحذف الهمزة عند الوقف بنيّة الوصل ، كما في قول أبي النجم :
أقبلت من عند زياد كالخرف |
|
تخطّ رجلاي بخطّ مختلف |
تكتتبان في الطريق لام ألف (١) |
وهذا مختار الزمخشري في تفسيره ، وزيّفه المصنف في شرح المفصل بأن فيه حمل ما اجتمع عليه القراء على الوجه الضعيف ، لأن اجراء الوصل مجرى الوقف يعني : جعله في نيّة القطع ـ ليس بقوي في اللّغة.
(و) نحو : (إخشوا الله) يا قوم ، (واخشي الله) أيّتها المرأة ، فانّ الضميرين الساكنين فيهما ليستا مدّتين ، لعدم مجانسة حركة ما قبلهما لهما ، لكونه مفتوحا ، فحرك الأوّل ـ ضمّا ـ لثقل الكسرة على الواو ، والثاني كسرا على الأصل ، لعدم المانع منه لمناسبة الكسرة له ، بخلاف نحو : اغزوا القوم ، وارموا القوم من مضموم العين في المضارع ومكسورها فيه ، فانّ الضمير فيهما مدّة للمجانسة فتحذف ، (ومن ثمّ) ـ أي من أجل لزوم التحريك إذا لم يكن أوّل الساكنين مدّة ـ (قيل) : في المؤكّد بالنون (اخشونّ) يا رجال ، (واخشينّ) يا فلانة ، بتحريك الواو ـ ضمّا ـ والياء
__________________
(١) لم أقف على أصل القصيدة حتّى يتبيّن مراد الشاعر ومعناه. والخرف : فاسد العقل.