لآخر الكلمة في الروم ، وذكر مثل ذلك لاستتمام البحث عن الوقف ، كبعض أحكام التقاء الساكنين على ما مرّ في أوّل الكتاب فتأمّل.
وامّا ما يظهر من كلام بعض المحقّقين : انّ الوقف ليس من أحوال الأبنية فذلك كأنّه ناظر إلى نفس الوقف الّذي هو القطع.
١ ـ (فالاسكان المجرّد) عن الروم ، والاشمام ، وهو أوّل الوجوه انّما هو (في المتحرّك) ، يعني : محله المتحرك لا غير ، إذ لا يتصوّر اسكان الساكن بل الوقف عليه بالسكوت وقطع الكلام ، ثمّ انّ الوقف بالاسكان يجري في المنون وغيره ، وفيما سكن ما قبل آخره أو تحرك ، والمعرب والمبني ، وهذا الوجه هو الأصل ، لأن سلب الحركة أبلغ في تحصيل غرض الاستراحة ، وقد يعدل عنه لتحصيل غرض آخر ، أو لخصوصيّة المحل الّذي وقع العدول عنه فيه على ما سيظهر لك ـ إنشاء الله تعالى ـ.
٢ ـ (والرّوم) وهو ثاني الوجوه أيضا كائن (في المتحرّك ، وهو) في اللّغة : القصد ، وفي الصناعة : (أن تأتي) أنت (بالحركة) حالكونها(خفيّة) ، بحيث يسمعها من كان قريبا منك ، بصوت ضعيف كأنك قصدتها ثمّ اختلستها للوقف ، فلذلك اختصّ بالمتحرّك ، والداعي إليه قصد التنبيه على الحركة الكائنة حال الوصل ، (وهو في المفتوح قليل) ، حتّى انّ الفراء منعه ، إذ المناسب له كون الحركة قويّة تامّة القبول للتبعيض ، والفتح حركة خفيفة سريعة الجري على اللّسان ، ومع ذلك فالروم فيه يشبه الثؤباء ويؤدّي إلى هيئة مستكرهة في الفم ، ولذلك لم يعتبره القرّاء في القرآن ، وانّما حكاه سيبويه عن بعض العرب وأجازه في الكلام دون القرآن.
٣ ـ (والاشمام) وهو الثالث ، وأصله : من الشم ، أيضا مختص بالمتحرك لكن لا مطلقا بل انّما يكون (في المضموم) ، (وهو ان) لا تأتي بالحركة أصلا بل (تضمّ الشفتين بعد الاسكان) ، للتنبيه على انّ حركة الوصل ضمّة تحصل بانضمام الشفتين ، فكأنك أشممتها كما تشمّ الرائحة ، فهو مجرد أحداث هيئة في الشفتين ، ولا يحصل في النطق به شيء بخلاف الروم ، فانّه ينطق بالحركة فيه خفيّة ، ومن ثمّ قيل : وقد يدرك