فقدم الاشتقاق على ندرة النظير لهذه الزنة في المزيد الثلاثي الجارية مجرى عدم النظير الدالّة على كونه «مفعلا» بزيادة الميم في الأوّل مع الادغام في الآخر ـ ، كمقرّ ، ومردّ ، كما ذهب إليه بعضهم ، وقد يجعل غلبة الزيادة في الميم الواقعة أوّل الكلمة قبل ثلاثة أحرف أيضا دالّة على كونه «مفعلا».
وانّما حكم على «تمفعل» بالميم الزائدة بعدم الوجدان في كلامهم وجودا يعتد به ، حتّى دلّ اشتقاق تمعدد من معدّ على اصالة الميم من معدّ ، (ولم يعتدّ بتمسكن) ـ إذا صار مسكينا ـ ، (وتمدرع) ـ إذا لبس المدرعة ، وهو ثوب ضيّق صغير الكمّين ـ ، (وتمندل) ـ إذا مسح عضوا بالمنديل ـ ، وتمنطق ـ إذا لبس المنطقة ـ ، وتمغفر ـ إذا لبس المغفر ـ ، ونحو ذلك ممّا لا شك في زيادة الميم في مأخذ اشتقاقه ، كالمسكنة والمنديل ، والملبوسات المذكورة ، لكون زيادتها فيه في غاية الظهور ، ومن ثمّ اتفق على ان وزنه «تمفعل» ، (لوضوح شذوذه) أي شذوذ ما ذكر من الأفعال ، أو شذوذ كل منها وندرة مجيئه ، والفصيح الكثير فيها : تسكّن ، وتندّل ، وتدرّع ، وتغفّر ، وتنطّق ، كلّها على «تفعّل» بتشديد العين ـ ، فهي لشذوذها الواضح في حكم العدم غير صالحة لأن يعتد بها ، فمن ثمّ حكموا على تلك الزنة بعدم الوجدان (١) ، وعلى تلك الشواذ بأنّ بنائها ـ لتوهم اصالة الميم في مأخذها ـ فكأنها «تفعلل» بدون زيادة الميم ، فتدبر.
(و) لذلك المذكور من تقديم الاشتقاق أيضا كان (مراجل) ـ لثياب الوشي ـ ، جمع مرجل ، (فعالل) عند سيبويه ، بلامين ـ كجعفر ، وجعافر ، على اصالة الميم بدلالة الاشتقاق ، (ل ـ) مجيء(قولهم) : (ثوب ممرجل) ، على صيغة اسم المفعول ، مشتقا منه بمعنى : موشيّ ، منقوش ، قال العجاج :
بشية كشية الممرجل (٢)
__________________
(١) وفي نسخة : لعدم الوجدان ، على أنها جملة معترضة.
(٢) البيت من ارجوزة طويلة للعجاج يمدح فيها يزيد بن معاوية ، والاستشهاد بالبيت