(وأمّا الهاء : فكان المبرد لا يعدّها) من حروف الزيادة(ولا يلزمه نحو : أخشه) ممّا فيه هاء السكت ، (فانّها حرف معنى) ؛ وهو الّذي لا يمتزج بما قارنه على وجه يدخل في البنية ؛ بل يكون كلمة متصلة بأخرى ، (كالتنوين ، وباء الجر ولامه) ، وإذا كانت تلك الهاء من حروف المعنى لم يكن من الزوائد ؛ فلا يلزم الاعتراض بها على المبرد ؛ كما لم يلزم على الجرمي اللّام الّتي تجلب عند بعد المشار إليه في نحو : ذلك ، وتلك ، لكونها حرف معنى فليست من الزوائد وان عدّها جماعة أيضا منها.
(وانّما يلزمه نحو : امّهات) في جمع ـ الامّ ـ ، فان أصلها : امّات ـ بدون الهاء ، وقد ورد الوجهان في قوله :
إذا الامّهات قبحن الوجوه |
|
فرجت الظّلام بامّاتكا (١) |
فالهاء زائدة وليست حرف معنى ، لامتزاجها بما هي فيه وصيرورة الجميع كلمة واحدة ، وقد يقال : الامّهات للناس ؛ والامّهات للبهائم ، (و) كذا يلزمه (نحو) قول قصي بن كلّاب :
إنّي لدى الحرب رخيّ اللّبب |
|
معتزم الصّولة عالي النّسب |
امّهتي خندف والياس أبي (٢) |
واللبب : ما يشدّ على صدر الدابة لحفظ الرحل عن ان يتأخر عن موضعه ، والرخيّ : بتشديد الياء ـ من الرخاوة ؛ وشاعت استعارة رخاوة اللبب لسعة الحال ؛ لما في ارخائه من الراحة للدابة. والاعتزام : باهمال العين واعجام الزاي ـ لزوم
__________________
(١) البيت لمروان بن الحكم ، وقبحن الوجوه : بمعنى أخزينها ، وفرجت الظلام : بمعنى : كشفته ، يريد ان امّهات المخاطب نقيات الأعراض لم يتدنس عرضهنّ بالفجور إذا ما تدنس عرض امّهات الناس بالفجور فاخزين أولادهنّ بذلك.
(٢) هذا البيت من مشطور الرجز وهو لقصي بن كلّاب جدّ النبيّ (صلىاللهعليهوسلم).