وجاء : حذفها من الماضي مع همزة الاستفهام تشبيها لها بهمزة باب الأفعال ، وهو قراءة الكسائي في جميع ما أوّله همزة الاستفهام واقترن بتاء الخطاب من ذلك ، أريتك ، وربّما حذفت مع هل ـ أيضا تشبيها لها بالهمزة كما قال من يصف راعيا بشدّة البخل :
صاح هل ريت أو سمعت براع |
|
ردّ في الضّرع ما قرى في العلاب (١) |
أي ما جمعه من اللبن في الأقداح المتخذة من جلود الإبل والخشب.
(و) هذا الباب في التزام الحذف والنقل كائن (بخلاف : ينأى) كيمنع مضارع : نأى ـ بمعنى بعد ـ و (أنأى) كأكرم في باب الافعال منه ، فانّهم لم يلتزموا فيه ذلك ، لعدم بلوغه في الكثرة مرتبة ذلك الباب.
(وكثر) الحذف والنقل بدون التزام (في : سل) ، وهو أمر من : سأل ، وأصله : إسأل ؛ فحذفت الهمزة الأصلية الّتي هي عين الكلمة بعد نقل حركتها إلى السين ؛ فاستغنى عن همزة الوصل فحذفوها وجوبا ؛ كما يجيء ـ إنشاء الله تعالى ـ ، وانّما كثر فيه ذلك (للهمزتين) المذكورتين الكائنتين فيه وحصول شيء من الثقل بها وان افترقتا ؛ لضعف الفاصل مع وحدته بالسكون والهمس ، بخلاف نحو : إجأر ـ بصيغة الأمر ـ من : جأر الرجل ـ تضرع ـ ، والثور ـ صاح ـ فانّه لم يكثر فيه ذلك التخفيف ، لقوّة الجيم الفاصلة بين الهمزتين مع أنه لم يكثر كثرة إسأل.
(وإذا وقف على) الهمزة(المتطرفة) المتحركة(وقف) عليها(بمقتضى الوقف بعد التخفيف) ، لأنّ الداعي إلى التخفيف حاصل في حال الوصل المقدم على الوقف ، فيعمل بمقتضاه من أوّل الأمر ؛ ثمّ يعمل بمقتضى الوقف بالنظر إلى ما يحصل بعد
__________________
(١) البيت لأسماعيل بن يسار مولى بني تيم بن مرة ، صاح : منادي مرخم بحذف النداء ، وقرى : جمع ، والعلاب : جمع علبة وهي وعاء من جلد أو خشب ، والاستشهاد بالبيت في قوله : «هل ريت» على ان أصله : هل رأيت ؛ فحذفت الهمزة الّتي هي عين الفعل تشبيها لهل الاستفهامية بالهمزة لاشتراكهما في المعنى.