(ومن ثمّ) أي ومن أجل وجوب حذف الواو في مثل ما ذكر ، (لم يبن) الماضي المضاعف المعتل الفاء الواوي الخالي عن حرف الحلق ، (نحو : وددت) من المودّة ـ وهي المحبّة ـ (بالفتح) في العين ، بل بنى على «فعل» ـ بكسرها ـ ليكون مضارعه مفتوح العين ، نحو : يودّ ، (لما يلزم من اعلالين) ، وهما : حذف الواو ، والادغام ، (في) مضارعه نحو : (يدّ) لو بنى ذلك الماضي بفتح العين ، لما تقرّر عندهم في المثال المضاعف الّذي كان ماضيه مفتوح العين من لزوم الكسر في عين المضارع منه إلّا مع حرف الحلق ، فيجوز معه الفتح ، وإذا كان مضارعه مكسور العين لزم حذف الواو مع وجوب ادغام العين في اللّام ، فكأنهم عدلوا فيه عمّا يستعقب اعلالين ، ترجيحا لما يلزم فيه ذلك وان كان قد يقع في كلامهم ما فيه اعلالان أو أكثر ، كما يظهر لك في مسائل التمرين ـ إنشاء الله تعالى ـ.
ثمّ انّ الأصل في حذف الواو هو المضارع الغائب الّذي فيه الياء ، (وحمل أخواته نحو : أعد ، ونعد) ـ للمتكلم الواحد والمتعدّد ـ (وتعد) ـ بالتاء للغائبة والمخاطب ـ (وصيغة أمره) نحو : عد(عليه) وان لم يتحقق فيها سبب الحذف ، لعدم الياء ليكون الباب على وتيرة واحدة ، وفي الأمر وجه آخر وهو : انّه مأخوذ من صورة المضارع بحذف حرف المضارعة ، فيحصل ما ذكر من غير واو ولا همزة وصل ، (ولذلك) الّذي أشير إليه من ان حذف الواو انّما هو لوقوعها بين الياء والكسرة ، وذلك انّما يتأتى مع كسر العين في المضارع ، (حملت فتحة يسع) ، مضارع وسع ، (ويضع) مضارع وضع ، ويطأ مضارع وطأ ، ويدع ونحوها ، (على العروض) ، ذهابا إلى انّ العين فيها مكسورة في الأصل والفتحة عارضة لأجل حرف الحلق ، إذ لو لا الحمل على ذلك لم يكن لحذف الواو منها وجه ، لعدم وقوعها بين الياء والكسرة.
(و) لذلك أيضا حملت فتحة(يوجل على على الأصل) ، وقالوا : انّها أصليّة ، إذ لو كانت عارضة لحذف الواو ، كما في يسع ، (و) هاتان الفتحتان (١) (شبّهتا) في كون
__________________
(١) أي فتحة يسع ويوجل.