(وتميم تدغم) ما كان سكون المثل الثاني فيه بالجزم ، لعدم الاعتداد به ، لعروضه كالوقف ، (نحو : ردّ) بصيغة الأمر كما ورد في قوله :
فغضّ الطّرف إنّك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا (١) |
وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها ، وحكى الكسائي عن عبد القيس اثباتها مع الادغام نحو : اغضّ ، (ولم يردّ) بصيغة المضارع ونحو ذلك من المجزوم ، والأصل : أردد ، ولم يردد فادغمت الدال بعد نقل ضمتها إلى الراء كما مرّ.
وفرقوا بينه وبين العارض في نحو : ظللت بأنّ الضمير الّذي يلزم معه السكون كالجزء بخلاف الجازم ، والحجازيون : يفكون الادغام في نحو ذلك فيقولون : اردد ، ولم يردد ، نظرا إلى لزوم السكون للأمر من حيث الصيغة ، وللمجزوم بالجازم مادام معه الجازم الّذي ربّما جرى مجرى الجزء ، وعلى لغتهم ورد قوله تعالى : (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ)(٢) ، وقرأ به قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ)(٣).
واجتمعت العرب على وجوب الفكّ في : «أفعل» بكسر العين مجزوما في صيغة التعجّب للمحافظة على تلك الصيغة ، سواء اتصلت بالياء نحو : اشدد ببياض وجه المتقين ، أم لا كما في قول العباس بن مرداس :
وقال نبيّ المسلمين تقدّموا |
|
وأحبب إلينا أن يكون المقدّما (٤) |
__________________
(١) البيت لم يتيسر لي الوقوف على قائله. الطرف : العين ، ولا يجمع لأنه في الأصل مصدر. وغض : أمر من غض طرفه ـ خفضه ـ ونمير على صيغة التصغير قبيلة. وكعب وكلاب قبيلتان اخريان.
(٢) الآية : ١٩ لقمان.
(٣) الآية : ٥٤ المائدة.
(٤) هذا البيت قائله معلوم. هو : العباس بن مرداس أحد المؤلفة قلوبهم. وصيغة التعجّب في البيت مثل : أحسن بزيد ، والباء محذوفة في قوله ان يكون أي بأن يكون النبيّ (ص) هو المقدم