وحذف الواو : امّا لكون الوقوع بين الياء والضمّة ـ أيضا ـ موجب للحذف عندهم ، أو لأنّ الأصل عندهم فيه الكسر ، والضم طرء بعد حذف الواو عوضا عنها.
(و) من القياس انّهم (لزموا الضم) في عين مضارع (المضاعف المتعدّي) ، لأنّه كثيرا ما يلحقه هاء الضمير المضموم المشبع إلى الواو مع انّ لامه مضمومة ـ أيضا ـ ، (نحو : يشدّه ويمدّه) ، فلو كسروا لزم الانتقال من الكسرة المنقولة إلى الفاء ـ للادغام ـ إلى ضمّة بعدها ضمّة اخرى ، والحرف المدغم واسطة ضعيفة لا تجدي في معارضة مثل ذلك الثقل ، لكنّها تكفي مع وحدة الضمّة ، كما في اللّازم ، لعدم لحوق الضمير ، ومن ثمّ كان الأكثر فيه الكسر الأوفق ، لتخالف الماضي والمضارع ، نحو : يفرّ ويكلّ ، وربّما جاء الفتح قليلا ، نحو : عضّ يعضّ ، وكعّ يكعّ كوعا ، ـ إذا جبن ـ على لغة حكاها يونس ، ولم يسمع الكسر في المتعدّي إلّا في قليل ، نحو نمّ الحديث ـ رفعه اشاعة وافسادا ـ ينمّه ، ومنه النّمام ، وعلّه يعلّه ، من العلّ ـ وهو الشرب ـ وهدّه يهدّه ، ـ أي كسره ـ وصرّه يصرّه ، ـ إذا جمعه ـ ، وحبّه يحبّه ـ بمعنى أحبّه ـ ، ومنه المحبوب ، وهذه المباحث كلّها في مضارع الماضي المفتوح.
(وإن كان) الماضي المجرّد (على «فعل») ـ بكسر العين ، (فتحت عينه) في المضارع ، ليتخالفا ، نحو : علم .. يعلم ، وخاف .. يخاف ، ورضي يرضى. وكأنّهم لم يضمّوا مع حصول التخالف به كراهة الجمع بين الكسر الثقيل في الماضي والضم الثقيل في المضارع ، (أو كسرت إن كان مثالا) واويّا ، ليتوسّل به إلى حذف الواو ، حيث يقع بين كسرة لازمة وياء المضارعة فيحصل التخفيف ، نحو : وثق يثق ، ومق .. يمق ، بخلاف اليائيّ ، فانّه جاء الفتح فيه مجيئا شائعا ، نحو : يئس ... ييئس ،
__________________
ـ نقع فلان بالماء أي روى ضد عطش ، والصدى : العطش ، وأراد بشربة : ريقها ، والغليل : حرارة العطش ، كأنّه أراد أنّها تترك العطاش بحيث لا يجدن بعدها غليلا أبدا. وقد يفسّر الصوادي : بالنخيل الطويل وهو بعيد كما لا يخفى.