وأمّا مجيء مطبخ ، ومربد ـ بكسر الميم مع فتح الموحدة فيهما ـ فعلى الشذوذ ، وقال سيبويه : انّهما ليسا لموضع وقوع الطبخ والربود على الاطلاق ، كما هو قياس الباب ، بل المطبخ للموضع المعمول للطبخ ، والمربد لمحبس الابل ، والربود : الاقامة.
ثمّ انّ الأصل في أسماء الزمان والمكان التجرّد عن التاء ، كما في الأمثلة المذكورة على قياس المصادر الميمية ، (ونحو : المظنّة) ـ بكسر الظاء نقلا من النون المدغمة الّتي هي العين إليها ـ لما يظن فيه الشيء ـ لكونه مألوفا فيه ، (والمقبرة ـ فتحا ، وضما ـ) في العين ـ (ليس بقياس) ، لوجود التاء.
وفي كسر المظنة ، وضمّ المقبرة ، شذوذ آخر ، لضم عينهما في المضارع ، فقياسهما الفتح ، فتعميم الشذوذ في المقبرة ـ فتحا وضما ـ للاشعار بأنّها ـ وان كانت متحركة بالفتح الّذي هو القياس ـ شاذّة للتاء ، وزعم بعضهم : انّ الفتح ـ أيضا ـ فيها حركة خارجة عن القياس ، لأنّ المقبرة ليست اسما لموضع وقوع الفعل ، أي ما يقبره فيه الانسان ـ أعني الحفرة ـ كما هو الأصل في الباب ، بل هي المكان المعدّ لذلك ، والقياس بالاستقراء ـ في ما خرج عن الأصل واريد به المكان المعدّ للفعل ـ «مفعلة» ـ بضمّ العين ـ ، وخروج الضم فيها (١) عن القياس باعتبار انما يستتبعه ويؤدّي إليه ـ أعني إرادة المكان المعدّ من المشتق الّذي يراد به المكان ـ خارج عن القياس ، وان كان قياسا طاريا بعد هذه الإرادة ، هذا كلامه مع نوع من التوجيه ، فتأمّل فيه.
وقد يقال : انّ المقبرة ـ فتحا ـ لمكان وقوع الفعل ، فشذوذها للتاء ، ـ وضما ـ للمكان المعدّ له ، فشذوذها للخروج عن الأصل في معنى اسم المكان.
ثمّ انّ التاء عند لحوقها ، أمّا بتأويل البقعة ، أو للمبالغة ، كما شاع في ما أريد به ما يكثر فيه جنس من الأجناس ، ك ـ المأسدة ، والمذأبة ، والمسبعة ، والمطبخة ، لما يكثر
__________________
(١) أي في المقبرة.