وشاع هذا الخبر بمصر ، فسرّ المسلمون به ، ودعوا للحاكم دعاء كبيرا
__________________
عليهالسلام لما صلب دفن فيه ، ثم ارتفع إلى السماء ، فإذا كان ليلة السبت في السحر دخلوا إلى هذه القبة ، فغسلوا قناديلها ، ولهم فيها طاقات مدفونة في الرخام ، وفي الطاقات قناديل قد أوقدوها من السحر ، وللقبة شبابيك فإذا كان وقت الظهر اجتمع أهل دين النصرانية ، وجاء الأقساء فدخلوا القبة ، وطاف النصارى من وقت الظهر حولها يتوقعون نزول النور ، فإذا قارب غروب الشمس تقول الأقساء : إن المسيح ساخط عليكم فيضجون ويبكون ، ويرمون على القبر الذهب والفضة والثياب ، فتحصل جملة كثيرة ، ويردد القسيس هذا القول وهم يبكون ويضجون ويرمون ما معهم ، فإذا غربت الشمس أظلم المكان ، فيغافلهم بعض الأقساء ، ويفتح طاقة من زاوية القبة بحيث لا يراه أحد ، ويوقد شمعة من بعض القناديل ، ويصيح قد نزل النور ، ورضي المسيح ، ويخرج الشمعة من بعض الشبابيك ، فيضجون ضجة عظيمة ويوقدون الفوانيس ، ويحملون هذه النار إلى عكا وصور وجميع بلد الفرنج حتى رومية والجزائر ، وقسطنطينية وغيرها تعظيما لها.
وحدثني جماعة من المجاورين بالقدس قالوا : لما فتح صلاح الدين رحمهالله القدس ، وجاء يوم الفصح جاء بنفسه فدخل القبة ، وقال : أريد أشاهد نزول النور ، فقال له البطرك تريد أن تضيع عليك وعلينا أموالا عظيمة لقعودك عندنا ، فإن أردت المال فقم ودعنا ، فقام فما بلغ باب القبة حتى صاحوا : نزل النور ، فقال بعض الحاضرين :
لقد زعم القسيس أن الهه |
|
ينزل نورا بكرة اليوم أو غد |
فإن كان نورا فهو نور ورحمة |
|
وإن كان نارا أحرقت كل معبدي |
يقربها القسيس من شعر ذقنه |
|
فإن لم تحرقها وإلّا اقطعوا يدي |
وحدثني جماعة من أصحاب صلاح الدين رحمهالله أنه عزم لما أخذ الفرنج عكا على أن يخرب قمامة ويعفي آثارها ، وقال : يحضر البطرك والأقساء والنصارى ويحفر مكان القبر حتى يطلع الماء ، ويرمي التراب في البحر ، ويقول هذا تراب إلهكم لتنقطع أطماعهم عن زيارته ويستريح منهم ، فقال له أعيان دولته إن أطماعهم لا تنقطع بهذا ، وليس مرادهم مكان القبر ، إنما هم يعتقدون في نفس القدس ، وقمامة عندهم أفضل من غيرها ، وربما أخربوا الجامع الذي بالقسطنطينية والمساجد التي في بلادهم ، وقتلوا من عندهم من المسلمين ، ثم إنهم إنما يصانعونك على القدس لأجل قمامه ، فإذا فعلت هذا زال ما يصالحونك لأجله ، ثم تبطل عليك أموال عظيمة ، فتنضر وهم لا ينضرون فسكت عن خرابها.