العراقية (١) ، وبالأهواز ونواحيها ، ولم يكن القائم بأمر الله يقطع أمرا دونه ، ولا يمضي رأيا إلا بعد إذنه ورأيه.
ثم صحّ عنده سوء عقيدته ، وخبث نيته (٢) ، وانتهى ذلك إليه من ثقات من الأتراك لا يشك في قولهم ولا يرتاب ، وانتهى إليه أنه بواسط قد عزم على نهب دار الخلافة ، والقبض على الخليفة ، فكاتب السلطان طغرلبك أبا طالب (٣) محمد بن ميكائيل وهو بنواحي الري يعرفه صورة حال الفساسيري ، ويبعثه على الغدو (٤) إلى العراق ويدرك أمر هذا الخارجي قبل تزايد طمعه ، وإعضال خطبه.
وعاد الفساسيري من واسط وقصد دار الخلافة في بغداد ، وهي بالجانب الغربي في الموضع المعروف بدار اسحق ، فهجمها ونهبها وأحرقها ونقض أبنيتها (٥) ، واستولى على كل ما فيها.
__________________
(١) في رواية ابن العديم : «لعدم نظرائه من مقدمي الأتراك المسمين الاصفهسلارية ، واستولى على البلاد ، وانتشر ذكره ، وطار اسمه ، وتهيبته أمراء العرب والعجم ، ودعي له على كثير من المنابر العراقية ...».
(٢) إثر تحالفه مع الخلافة الفاطمية لخدمة أغراض الدعوة الاسماعيلية في اسقاط الخلافة العباسية.
(٣) في الأصل : أبا محمد لب ، وهو تصحيف قوم من رواية ابن العديم ومما هو مثبت في العديد من المصادر حول طغرلبك ، ومفيد هنا الاشارة إلى وجود بعض الفوارق بين رواية ابن العديم ورواية ابن القلانسي.
(٤) في الأصل : العود ، وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا أو كما روى ابن العديم «يستنهضه على المسير إلى العراق» ذلك أن طغرلبك لم يكن جاء بغداد بعد.
(٥) كذا في الأصل وفيه تداخل ، ويدل على اضطراب في الرواية ، فالبساسيري لم يعد إلى بغداد ، ودار الخلافة ليست في المكان المحدد في النص ، بل هي دار البساسيري ، ودار الخلافة نهبت بعد حوالي ثلاث سنوات ، ورواية ابن العديم أصح من هذه الرواية ونصها : «وانفض أكثر من كان مع البساسيري ، وعادوا إلى بغداد ، ثم أجمع رأيهم على أن قصدوا دار البساسيري ، وهي بالجانب الغربي ، في الموضع المعروف بدرب صالح ، بقرب الحريم الطاهري ، فأحرقوها وهدموا أبنيتها».