أمر بغداد إضطرابا شديدا ، وخاف من بها ، وكثرت الأراجيف باقتراب أرسلان الفساسيري.
وتوقف الكندري الوزير عن المسير فأنكرت خاتون ذلك عليه ، وهمت بالايقاع به وتوقف ابنها لتوقّفهما عن المسير والانجاد للسلطان طغرلبك ، فنهضا للجانب الغربي من بغداد ، وقطعا الجسور من ورائهما وانتهبت دورهما (١) واستولى من كان مع الخاتون من الغزّ على ما فيها من الأموال والأمتعة والأثاث والسلاح ، وتوجهت خاتون في العسكر إلى ناحية همذان ، وتوجه الوزير الكندري على طريق الأهواز.
فلما كان يوم الجمعة السادس من ذي القعدة ورد الخبر بأن أرسلان الفساسيري بالأنبار ، وسعى الناس إلى صلاة الجمعة بجامع المنصور ، فلم يحضر الإمام وأذن المؤذن في المنارة ، ونزل منها ، وأعلم الناس أنه رأى العسكر عسكر الفساسيري بإزاء شارع دار الرقيق فبادرت (٢) إلى أبواب الجامع ، وشاهدت قوما من أصحاب الفساسيري يسكنون الناس ، بحيث صلوا في هذا المكان اليوم في جامع المنصور الظهر أربعا من غير خطبة ، وفي يوم السبت تاليه وصل نفر من عسكر الفساسيري ، وفي غدوة يوم الاحد (٥٥ ظ) دخل الفساسيري بغداد ومعه الرايات المصرية (٣) ، فضرب مضاربه على شاطىء دجلة ، واجتمع أهل الكرخ والعوام من أهل الجانب الغربي على مضافرة الفساسيري ، وكان قد جمع العيّار وأهل الفساد وأطمعهم في نهب دار الخلافة ،
__________________
(١) في رواية ابن العديم : «فبطل عزم الكندري على المسير ، فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها لتركهما مساعدتها على انجاد زوجها ، ففرا إلى الجانب الغربي من بغداد ، وقطعا الجسر وراءهما ، وانتهبت دارهما».
(٢) في الأصل «فبادروا» والتقويم من رواية ابن العديم ومن سياق الخبر.
(٣) في الأصل «السود» وهو خطأ صوابه ما أثبتناه من رواية ابن العديم علما بأن السواد شعار بني العباس والبياض شعار الاسماعيلية وبقية أحزاب الشيعة.