وفيها توجه السلطان العادل (٦٦ ظ) ملك شاه من أصفهان إلى بغداد معولا على قصد مصر لتملّكها ، فلما وصل إلى همذان وثب رجل ديلمي من الباطنية على وزيره خواجه برزك نظام الملك أبي علي الحسن بن اسحق الطوسي ، فقتله رحمهالله (١) ، وهرب من ساعته ، فطلب فلم يوجد ولا ظهر له خبر ولا بان له أثر ، فأسف الناس ، وتألموا لمصابه وتضاعف حزنهم لفقد مثله ، لما كان عليه من حسن الطريقة ، وإيثار العدل والنصفة والاحسان الى أهل الدين والفقه والقرآن والعلم ، وحب الخير ، وحميد السياسة ، وكان قد اثر الاثارات الحسنة في البلاد من المدارس والرباطات بالعراق وبلاد العجم ، بحيث كان رزقه يجري على اثني عشر ألف انسان من فقيه إلى غيره ، وحزن السلطان ملك شاه عليه ، وأسف لفقده ، وأسرع السير الى أن وصل الى بغداد في أيام قلائل من شوال من السنة ، وأقام مديدة ، وخرج إلى المتصيد ، وعاد منه وقد وجد فتورا في جسمه ، واشتد به المرض الحاد ، فتوفي رحمهالله في ليلة الأربعاء السادس من شوال من السنة ، وكان بين وفاته ، ومقتل خواجه برزك ثلاثة وثلاثون يوما ، وأقام مقامه في المملكة ولده السلطان بركيارق ، وانتصب في منصبه ، وأخذت له البيعة ، ودعي على المنابر باسمه ، واستقام أمره وانتظمت الحال على مراده.
وكان السلطان تاج الدولة تتش قد توجه من دمشق الى بغداد ، للقاء أخيه السلطان ملك شاه ، والخدمة له ، والتقرب إليه ، وورد الخبر عليه بوفاته ، فانكفأ راجعا ، ونزل على الرحبة وضايقها ، وراسل المقيم بها يلتمس تسليمها إليه فلم يتم له فيها أمر ولا مراد ، فرحل عنها الى دمشق ، وجمع وحشد وعاد
__________________
(١) قتل بتخطيط وأمر من حسن الصباح مؤسس الدعوة الاسماعيلية الجديدة ، وربما كان هناك شي من التواطؤ من قبل ملكشاه. انظر الدعوة الاسماعيلية الجديدة ـ ط. بيروت ١٩٧١ : ٦٢ ـ ٦٣. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٣٤٩ ـ ٣٧٣.