العدد الدثر في محاصرتها كليلا ، وكأنها وهي أعلى شاهق نزلت على الجبل من حالق ، فهي بهذه الصفة مقابلة لبلدة أصفهان ، التي هي مقر الملك ، ودار الثواء ، وأولى البلاد بتطهيرها من اهتياج الفتن واختلاف الأهواء ، ونحن نقيم بها طول هذه المدة المديدة ، وندبر أمرها الى ما يصوبه الرأي من الحيلة والمكيدة ، وأمامنا من المستخدمين وأصحاب (٨٣ ظ) الدواوين نفر تصغي إليهم أفئدتهم ، فيما كانوا عليه من مخالفة الدين ، يتوصلون بمكرهم إلى نقض ما يبرم ، وتأخير ما تقدم ، ويوهمون أنها من النصائح التي تقبل وتلزم ، حتى تطاول دون ذلك الأمد ، وبان من القوم المعتقد ، واتضح لنا من صائب التدبير ما يعتمد ، وكنا في خلال هذه الأحوال لم نخل هذه القلعة من طائفة تهزهم حمية الدين من الجند ، ينتهون من التضييق عليها إلى غاية من الجد ، فيتوفرون على محاصرتهم ومصابرتهم ، ويتشمرون لمزاولتهم ومصاولتهم ، ويقعدون لهم بكل مرصد ، ويسدون كل متنزل ومصعد ، حتى انقطعت عنهم المواد ، وخانتهم المير والأزواد ، واضطروا إلى أن نزل بعضهم على حكم الامان بعد الاستئمار والاستئذان ، فأمرنا بتخلية سربهم ، وإيمان سربهم ، وسلم الشطر من القلعة لخلوه من الفئة النازلة ، واعتصم ابن عطاش بقلة أخرى تسمى دالان ، مع نخب أصحابه من المقاتلة ، وهذه القلة هي أمنع المواضع من القلعة وأحصنها وأوعرها مسلكا وأحزنها ، فقد نقل إليها ما كان بقي لهم من الميرة ، وسائر ما يستظهر به من السلاح والذخيرة على أن يلبثوا بها أياما معدودة ، فينزلوا ويبذل لهم الأمان مثل ما بذل للأولين ، فيتخولوا كل ذلك بوساطة من قدمنا ذكرهم من المستخدمين في الدواوين ، وفي باطن الأمر خلاف ما يتوهم من الإعلان ، وذلك أنهم قدروا أن ما سلم من القلعة يترك على عمارته ومكانته ، وما امتنع به من القلة لا يقدر عليه لمنعته وحصانته ، فهو يتوصلون بتمكنهم من ذلك الجبل ، إلى سرقة ما سلموه آنفا ببعض الحيل ، هذا وقد كفوا مؤن