على الرسم في اقامة الدعوة والسكة على ما كانت عليه لصاحب مصر ، ولم يغير لهم رسم.
وكتب ظهير الدين أتابك الى الأفضل بمصر يعلمه : «إن بغدوين قد جمع وحشد للنزول على صور ، وان أهلها استنجدوا بي عليه ، والتمسوا مني دفعه عنهم ، فبادرت بإنهاض من أثق بشهامته لحمايتها ، والمراماة دونها إليه ، وحصلوا فيها ، ومتى وصل إليها من مصر من يتولى أمرها ، ويذب عنها ، ويحميها بادرت بتسليمها إليه ، وخروج نوابي منها ، وأنا أرجوا أن لا يهمل أمرها ، وإنفاذ الاصطول بالغلة إليها ، والتقوية لها».
وحين عرف بغدوين هذا الخبر رحل في (١٠٠ و) الحال من بيت المقدس إلى عكا ، فوجد الأمر قد فات ، وحصل بها الأتراك ، فأقام بعكا ووصل إليه من العرب الزريقيين من بلد عسقلان رجل يعلمه «ان القافلة الدمشقية قد رحلت من بصرى إلى ديار مصر ، وفيها المال العظيم ، وأنا دليلك إليها ، وتطلق لي من أسر من أهلي» ، فنهض بغدوين من وقته عن عكا في طلب القافلة ، واتفق أن بعض بني هوبر تخطف بعضها ، وخلصت منهم ، ووصلت إلى حلة بني ربيعة ، فمسكوها أياما وأطلقوها بعد ذلك ، وخرجت من نقب عازب (١) وبينه وبين بيت المقدس مسافة يومين للفارس ، فلما حصلت بالوادي أشرفت الأفرنج عليها ، فهرب من كان بها ، فالذي صعد منها الجبل سلم ، وأخذ ماله ، وأخذت العرب أكثر الناس ، فاشتمل الأفرنج على ما فيها من الأمتعة والبضائع ، وتتبعت العرب من أفلت منهم فأخذوه ، وحصل لبغدوين منها ما يزيد على خمسين ألف دينار وثلاثمائة أسير ، وعاد إلى عكا ، ولم يبق بلد من البلاد إلا وقد أصيب بعض تجاره في هذه القافلة.
__________________
(١) في الأصل «غارب» وهو تصحيف قوم من معجم البلدان ، والمقصود هنا صحراء النقب.