الصّنّبرة (١) ، ثم يقطعون الى الإقحوانة للقاء المسلمين ، وقد احتاطوا على أثقالهم وراء الجسر ، والمسلمون لا يعلمون بذلك ، وأنهم عارضوهم في المسير إلى هذا المنزل ، فسبق الأتراك إلى نزولهم في الاقحوانة ، وقطع بعض عسكر الأتراك الجسر لطلب العلوفات والزرع ، فصادفوا الافرنج قد ضربوا خيامهم ، وقد تقدم بغدوين للسبق إلى هذا المنزل ، ونزل صاحب أنطاكية وصاحب طرابلس وراءه يتبعونه إليه.
ونشبت الحرب بين المتعلفة وبين الأفرنج ، وصاح الصائح ، ونفر الناس ، وقطعوا الجسر ، وهم يظنون أنه جوسلين لأنه صاحب طبرية ، فوقف أتابك على الجسر ، وتسرع خلق كثير من العسكر إلى قطع الجسر ، وقطع الأمير تميراك بن أرسلانتاش في فريق وافر من العسكر ، ونشبت الحرب بين الفريقين من غير تأهب للقاء ، ولا ضرب خيام ولا استقرار في منزل ، ولا مجال ، واختلط الفريقان ، فمنح الله الكريم ، وله الحمد ، المسلمين النصر على المشركين بعد ثلاث كرّات ، فقتل فيها من الأفرنج تقدير ألفي رجل من الأعيان ، ووجوه الأبطال والشجعان ، وملكوا ما كان نصب من خيامهم ، والكنيسة المشهورة (٢) ، وأفلت بغدوين بعد ما قبض ، وأخذ سلاحه ، وملكت دواب الرجالة ، وما كان لهم ، وغرق منهم خلق كثير في البحيرة (٣) ، واختلط الدم والماء ، وامتنع الناس من الشرب منها أياما حتى صفت منه ، وراقت ، والتجأ من نجا من الأفرنج (١٠١ ظ) إلى طبرية ، وأكثرهم جرحى ، وذلك في يوم السبت الحادي عشر من المحرم سنة سبع وخمسمائة ، وبعد انفصال الأمر
__________________
(١) الصنّبرة موضع بالأردن مقابل لعقبة أفيق بينه وبين بحيرة طبرية ثلاثة أميال. معجم البلدان.
(٢) لم يذكر وليم الصوري هذه الواقعة حتى نحدد هوية الكنيسة هذه.
(٣) بحيرة طبرية.