استيحاشه ، وتأكيد أنسه ، وحين عزم على الانكفاء إلى دمشق ، وأذن له في ذلك ، شرف بالخلع السنية ، والكرامات الهنية ، وكتب له المنشور العالي السلطاني الغياثي بولاية الشام حربا وخراجا ، وإطلاق يده في ارتفاعه على إيثاره وإختياره بإنشاء الطغرائي أبي اسماعيل الأصفهاني (١) وهو إذ ذاك فريد زمانه في الكتابة والبلاغة ، ووحيد عصره في الآداب والبراعة ، وقد أثبت نسخته في هذا المكان ، ليعرف الواقف عليه فضل منشئه ، وعلو مرتبة من كتب له ، وأحسن وصفه فيه وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا منشور أمر بإنشائه السلطان المعظم غياث الدنيا والدين ، أطال الله بقاءه ، وأعز أولياءه ، ونصر لواءه : للأمير الأصفهسلّار الأجل ، الكبير ، ظهير الدين أتابك ، أدام الله تأييده ، لما بان تمسكه من الطاعة بأحكم علائقها ، واعتصامه من الخدمة بأوكد وثائقها ، وانتهاجه من المشايعة أقوم مسالكها ، واعتماده أفضل طرائقها ، وأجلت التجارب منه عين الناصح الأريب ، والمهذب اللبيب ، المتدرج في مراقي الرتب السنية ، بالمساعي الرضية ، والمحرز أحاظي القرب الخطيرة بالآثار الشهيرة ، المشهودة موافقة في قود الجماهير العظام ، والذب عن حوزة الإسلام ، والتجرد لمظافرة الأولياء ، ومقارعة الأعداء والاستقلال (١٠٦ ظ) بمعضلات الأعباء ، الجامع إلى خصائص هذه الأسباب والالمام بخدمة الأبواب ، والتحقق بزمر الحشم والأصحاب ، المستقل بنصحه ، المنخول بدلائه المقبول ، ووسائله المشفوعة توالدها بالطوارف ، وشوافعه المنصورة سوالفها بالأوانف ، أن يزاد في الإنافة بقدره ، والاشادة بذكره ، ويستخلص
__________________
(١) صاحب لامية العجم ، ينتهي بنسبة الى أبي الأسود الدؤلي ، توفي سنة ٥١٤ ه / ١١٢٠ م ترجم له سبط ابن الجوزي في وفيات سنة ٥١٤. مرآة الزمان : ١ / ٩٢ ـ ٩٤.