والصبر عند اللقاء ، والبصيرة بمكابدة الأعداء ، ويستظهر لهم باستجادة الأسلحة والآلات والاستكثار من المير والأقوات ، ويناوب بينهم في مقارهم ، مناوبة تجم المكدود ، وتريح المجهود ، وتدر عليهم الأرزاق عند (١٠٧ ظ) الوجوب والاستحقاق ، ليقوم أودهم ، ويقل لددهم ، وتحسن طاعتهم ، وتلين مقادتهم ، ويكثف عددهم وعدتهم ، وتشتد على الأعداء شوكتهم ، ويغيظ الكفار زيهم وشارتهم ، قال الله تعالى : «(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ)(١).
وأمرناه أن يأخذ نفسه وأصحابه بالثبات والصبر عند قراع السيوف بالسيوف ، وذلوف الزحوف بالحروف ، ويرخصوا أنفسهم في ابتغاء مرضاة الله والذب عن حوزة الدين ، والمحاماة عن بيضة الإسلام والمسلمين ، ويحتاط مع ذلك لنفسه وأصحابه ، ولا يقدم بهم على غرر ، ولا يفسح لهم في ركوب خطر إلا بعد الأخذ بالحزم ، واستعمال الرفق في الحذر ، ويكون إقدامهم على بصيرة تامة ، لا يقتحم معها غرة ، ولا تضاع فرصة ، ولا يحجمون إذا احمر الناس ، واشتد المراس عن تورد المعركة ، ولا يلقون بأنفسهم إذا حمي الوطيس ، والتقى الخميس بالخميس إلى التهلكة ، قال الله جل وعلا : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (٢).
وأمرناه أن يصل جناح ضمانه بالوفاء ، ويشد أركان عهده بالثبات ، ويصون ذمته عما يحفزها ، ويشفق عليها مما يحيلها ويغيرها ، ويذهب مع دواعي الصدق ، ويصير على تكاليف الحق ، ولا يروع لهم سربا أمّنه ، ولا ينقص شرطا ضمنه ، ولا ينكث عهدا أبرمه ، ولا يخلف وعدا قدمه ، ولا يتجافى عمن يلوذ بعقوته ، ولا يأبى قبول السلم ممن اتقى بصفحته ، قال
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الأنفال : ٦٠.
(٢) القرآن الكريم ـ الحج : ٧٨.