الله تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (١). وقال جل من قائل : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) (٢).
وأمرناه أن يعم رعاياه القارة والمارة بالأمن العائد عليهم بسكون الجأش ، وسعة المعاش ، ويحوطهم في متوجهاتهم ومتصرفاتهم ، حياطة تكنفهم من جميع جهاتهم ، ويحمي نفوسهم وذراريهم وأموالهم ، ومعائشهم ، حماية ترد كيد الظالم ، وتقبض يد الغارم ، وتخرج ذوي الريب من مظانهم ، وتحول بينهم وبين عدوانهم ، وتجري حكم الله فيهم ، وتقيم حده على من سفك فيهم دما ، وانتهك محرما ، أو أظهر شقاقا وعنادا ، أو سعى في الأرض فسادا ، قال الله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ) (١٠٨ و) (خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٣).
وأمرناه أن ينظر في أموال الرعايا أتم نظر وأوفاه ، ويسأل عن ظلاماتهم أبلغ سؤال وأحفاه ، ويستن بالسنة العادلة فيهم ، ويمنع أقوياءهم عن تهضّم مستضعفيهم ، ويحمل من تحت يده على التعادل والتناصف ، ويصدهم عن التغاضب والتظالم ، ويقر الحقوق مقارها ، عند وضوح الحجة ، وارتفاع الشبهة ، ويختار لهم من العمال والولاة أسدهم طرائق ، وأقومهم مذاهب ، وأحمدهم خلائق ، ويأمر كلا منهم أن لا يغير عليهم رسما ، ولا يتوي (٤) لهم حقا ، ولا يسومهم في معاملاتهم خسفا ، ولا يحدث عليهم من يدع الجور رسما ،
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الاسراء : ٣٤.
(٢) القرآن الكريم ـ الأنفال : ٦١.
(٣) القرآن الكريم ـ المائدة : ٣٣.
(٤) أي لا يضيع ولا يهلك. النهاية لابن الأثير.