تحتهما ، فرضي جوهر بذلك وتعاهدا وتصافحا عليه ، وأخذ ختم ألفتكين رهنا على الوفاء به وافترقا ، وعاد ألفتكين إلى عسكره وجوهر إلى البلد ، وأنفذ جوهر إلى ألفتكين ألطافا كثيرة ومالا فقبل ذلك منه وكافأه عليه ، وأنفذ ألفتكين إلى القرمطي يعرفه ما جرى بينه وبين جوهر ، (١٦ و) فركب الحسن إليه وقال له : لقد أخطأت فيما فعلته وبذلته ، وجوهر هذا ذو رأي وحزم ودعاء ومكر وقد استقلّك بما عقده معك ، وسيرجع إلى صاحبه ويحمله على قصدنا ، ثم لا يكون لنا به طاقة فيأخذنا ، ومن الصواب أن ترجع عن ذلك حتى يهلك هو وأصحابه جوعا وتأخذهم بالسيف ، فقال له ألفتكين : قد عاهدته وحلفت له وما استجيز الغدر به ، وعلقا السيف والرمح وخرج جوهر وأصحابه تحتهما ، ووصل إلى مصر ودخل على العزيز بالله وشرح له الحال واستفحال أمره ومن معه ، فقال له : ما الرأي؟ قال : إن كنت تريدهم فاخرج بنفسك إليهم والّا فإنهم واردون على أثري.
فأمر العزيز بإخراج الأموال ووضع العطاء في الرجال ، وبرّز برزوا كليا واستصحب الخزائن والذخائر وتوابيت آبائه على عادة القوم في ذلك ، وسار جوهر على مقدّمته ، ووردت الأخبار على ألفتكين والحسن والقرمطي بما جرى ، فعادا إلى الرملة ، وجمعا العرب واتفقا واحتشدا وتأهبا واستعدّا ، وورد العزيز في العساكر ، ونزل في الموضع المعروف بقصر ابن السرح بظاهر الرملة وألفتكين والقرمطي على قرب منه في الموضع المعروف ببركة الخيزران ، وبات العسكران على إعداد للحرب ، وباكراها وقد اصطفّ كل منهما ميمنة وقلبا وميسرة ، وجال ألفتكين بين الصفّين يكرّ ويحمل ويطعن ويضرب ، فقال العزيز لجوهر : أرني ألفتكين : فأشار إليه وقيل أنّه كان في ذلك اليوم على فرس أدهم بتجافيف من مرايا ، وعليه كذاغند أصفر ، وهو يطعن تارة بالرمح ويضرب أخرى بالسيف والناس يتحامونه ويتّقونه ، فأعجب العزيز ما رأى منه ومن هيئته ، وعلى رأسه المظلّة ووقف وأنفذ إليه ركابيا