يختص بخدمته يقال له نميرة وقال له : قل : يا ألفتكين أنا العزيز وقد أزعجتني عن سرير ملكي ، وأخرجتني لمباشرة الحرب بنفسي وأنا مسامحك بجميع ذلك ، وصافح لك عنه ، فاترك ما أنت عليه ولذ بالعفو (١٦ ظ) مني فلك عهد الله وميثاقه أني أو منك وأصطفيك وأنوّه باسمك ، وأجعلك إسفهسلّار (١) عسكري ، وأهب لك الشام بأسره وأتركه في يدك ، فمضي نميرة الركابي إليه وأعاد الرسالة عليه ، فخرج بحيث يراه الناس ، وترجّل وقبّل الأرض مرارا ، ومرّغ خدّيه عليها معفّرا ، وقال له : قل لأمير المؤمنين لو تقدّم هذا القول منك لسارعت إليه وأطعت أمرك ، فأما الآن فليس إلا ما ترى ، وعاد نميرة وقال ذلك للعزيز ، فقال له : ارجع إليه وقل له يقرب مني ، ويكون بحيث أراه ويراني ، فإن استحققت أن يضرب في وجهي بالسيف فليفعل ، فمضى نميرة وقال له ذلك ، فقال : ما كنت الذي أشاهد طلعة أمير المؤمنين وأنابذه بالحرب ، وقد خرج الأمر عن يدي ، ثم حمل على الميسرة فكسرها وقتل كثيرا ممن كان فيها ، وشاهد العزيز ما جرى ، وكان في القلب فراسل الميمنة بالحملة وحمل هو والمظلّة على رأسه ، فانهزم ألفتكين والقرمطي ووضع السيف في عسكريهما ، فقتل منه نحو عشرين ألف رجل ومضى الحسن القرمطي هاربا على وجهه ، وعاد العزيز إلى معسكره ، ونزل في مضاربه ، وجلس الأسرى بحضرته ، والعرب تجيئه بمن يقع في أيديها من أصحاب ألفتكين ، والخلع تخرج إليهم مقابلة عن ذلك ، وقد بذل لمن يجيئه بألفتكين مائة ألف دينار ، وكان ألفتكين يميل إلى المفرج بن غفل بن الجراح ويتمرده لأنه كان وضيء الوجه صبيحه ، وشاع ذلك عنه فيه واتفق أن انهزم ، فطلب ساحل البحر ومعه ثلاثة من غلمانه رفقائه وبه جراح ، وقد كدّه العطش فلقيته سريّة من الخيل فيها المفرج فلما رآه التمس ماء فأعطاه إياه وقال له : احملني إلى
__________________
(١) فارسية تعني القائد العام.