وظهور الجهل ، وتبلد الفهم ، وحب الظلم ، وعدوله عما عرف فيه من مضاء العزيمة في مصالح الدين ، والمسارعة إلى الجهاد في الأعداء الملحدين ، وشرع في مصادرات المتصرفين ، والعمال ، وتأول المحال على المستخدمين في الأعمال ، واستخدم بين يديه كرديا ، جاءه من ناحية حمص ، يعرف ببدران الكافر ، لا يعرف الاسلام ، ولا قوانينه ، ولا الدين وشروطه ، ولا يرقب في مؤمن ولا ذمة ، ونصبه لاستخراج مال المصادرين من المتصرفين ، والأخيار المستورين بفنون قبيحة إخترعها في العقوبات ، وأنواع مستشبعة في التهديد لهم والمخاطبات وظهر من شمس الملوك ، مع هذه الحال القبيحة ، والأفعال الشنيعة ، بخل زائد واسفاف نفس إلى الدنايا متواصل ، بحيث لا يأنف من تناول الخسيس الحقير بالعدوان ، وأخذه من غير وجهه بالعتو والطغيان ، وأشياء من هذا الباب لا حاجة إلى ذكرها لإشاعتها ، واشتهار أمرها ، بحيث أنكرت من أفعاله ، واستبشعت (١٣٥ و) من أمثاله ، ولم يكفه ما هو عليه من هذه الأفعال الذميمة ، والخصال المكروهة ، حتى أسر في نفسه مصادرة كفاته من الكتاب ، وخواصه من الأمراء والحجاب ، وعزم على الابتداء أولا بالحاجب سيف الدولة يوسف بن فيروز ، أحظى من كان عند أبيه أولا ، وعنده ثانيا واشتهر عنه حتى هرب إلى تدمر منه ، ورأى الغنيمة الكبرى ببعده من شره ، وراحته من نظره ، وكاتب في أثناء هذا الاختلال والاضطراب الأمير عماد الدين أتابك ، حين عرف اعتزامه على قصد دمشق ، لمنازلتها ومضايقتها ، والطمع في ملكتها ، يبعثه على سرعة الوصول إليها ، ليسلمها إليه طائعا ، ويمكنه من الانتقام من كل من يكرهه من المقدمين والأمراء والأعيان بإهلاكهم وأخذ أموالهم ، وإخراجهم من منازلهم ، لأمر تصوره ، وهذيان في نفسه قرره ، وتابع الكتب إليه بالمسألة في الإسراع والبدار ، وترك التلوم والانتظار ، ويقول له في أثناء هذا المقال : «وان اتفق إهمال لهذا الأمر ، واغفال أو إمهال ، أحوجت الى