ووردت الأخبار من ناحية الشمال بأن الأمير عماد الدين أتابك رحل في عسكره عن حلب ، في يوم الجمعة السادس عشر من شهر رمضان من السنة ، ونزل على حمص ، وخيم بها وقاتلها ووصل اليه رسول متملك الروم.
__________________
دخلوا وغيروا وولوا غيري ، ثم أمر بفتح السرداب ، والصائح جاءه ، فقال : ما الخبر؟ فقال : إن أتابك زنكي نهب الحريم الطاهري ، وطلب الموصل (في ذي القعدة) وأما السلطان فوصل وعبر النهروان ، ولما حقق أتابك نزول السلطان بالنهروان انهزم ، فرمى السيف من يده ، ودخل الى الدار وأخذ معه من الجواهر ما لا يعرف له قيمة ، وأعطاني منه مثل ذلك وخرج ، وأخرج معه قاضي القضاة الزينبي ، وكان قد استوزر جلال الدين أبا الرضا (بن) صدقة ، فخرج وخرجنا ، ولحق أتابك زنكي على طريق الموصل.
قال السعيد مؤيد الدين رحمهالله : فلما كان بكرة ذلك اليوم ، دخل السلطان بغداد ، ودخلنا معه ، فنزل في داره ، ونزلنا نحن في دورنا ، وكان دخولنا عاشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة فلما كان من الغد مضى الوزير الى دار السلطنة ، ونحن معه ، واستأذنه فيما يفعل ، فأخذ خطه وخطوطنا بالضمان ، ثم عدنا الى دورنا وأصبحنا يوم الاثنين سابع عشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة وحضرنا عند الأمير أبي عبد الله ، وتحدث الوزير معه ، وتحدثا معه ، وشرط عليه القيام بأمر الخلافة ، وطاعة السلطان ، وأعلمناه «أننا قد ضمنا ذلك من السلطان جميع ما اقترحه عليك» ، فرضي بذلك ، وانفصلنا عنه ، ومضينا الى السلطان وأعلمناه ما جرى ، وأنه رضي بما شرطت عليه ، فقال السلطان : إذا كان من الغد فبايعوه ، فلما أصبحنا صعدنا الى الدار ، وأخرجنا من الدار أشياء من الآلات التي تصلح للغناء ، وأشياء لا تليق ، وشهد جماعة من أهل الدار أنه شرب الخمر ، فأفتى العلماء بخلعه واعتنق ذلك القاضي عماد الدين شرف القضاة أبو طاهر أحمد بن الكرخي المحتسب ، وكان قاضي أصحاب الشافعي رحمهالله ، واجتمع العلماء والأكابر ، فخلعوه.
ودخل إليه الوزير ، وصاحب المخزن ، وأنا ، وتحدثنا وناولته رقعة فيها ما يسمى به من اللقب ، وكان فيها المقتفي لأمر الله ، والمستضيء بأمر الله ، والمستنجد بالله ، فقال : ذلك إليكم ، فقال لي الخليفة ، ما ترى؟ فقلت : المقتفي لأمر الله ، فقال : مبارك ، ثم مد يده ، فأخذها الوزير ، وقبلها ، وقال : بايعت سيدنا ومولانا المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين على كتاب الله وسنة رسول الله واجتهاده ، ثم أخذها صاحب المخزن وقبلها ، وبايعه على مثل ذلك ، ثم أخذت يده وقلت بعد أن قبلتها : بايعت سيدنا ومولانا الامام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين ،