في إعادة ما قبض من أملاكهم إليهم ، وإعادة كل مغضوب منها عليهم ، ولم تزل المراسلات في هذا الباب متناصرة ، والكتب في طلبه متواترة الى أن تقررت الحال في ذلك ، والاجابة إليه على مصالحة معينة مقسطة برسم واجبات الأجناد يقومون بها في أنجمها المعينة ، وأوقاتها المبينة ، تصلح الأحوال بتأديتها ، وتتحقق الأمال بتملكها ، وأن يرد أمر الرئاسة في البلد الى الأمير المقدم ذكره ، وكتب له المنشور بالرئاسة ، ونعت فيه مع أوصافه بالأمير الرئيس الأجل ، مؤيد الدين ، ممهد الاسلام ، مضافا الى ألقابه ونعوته المتقدمة ، وأن يكون الرسم في الرئاسة جاريا على العادة المستمرة ، والقاعدة المقيمة المستقرة في الحمايات والواجبات ، والرسوم الجاريات في دار الوكالة ، وسائر العراص ، ونفذت الكتب إليهم بالإجابة الى ما التمسوه ، والاسعاف بما اقترحوه ، والأذن لهم في العود الى البلد واثقين بما يقدمون عليه ، من حفظ الحرمة ، وحراسة الحشمة ، والتطييب بالنفس ، وتأكيد (١٤٣ و) الأنس.
فعند الوقوف على ما صدر اليهم من هذه الحال سرت به نفوسهم ، وابتهجت بمعرفته قلوبهم وشرعوا في التأهب للعود بصدور منشرحة ، وآمال منفسحة ، وعادوا بأسرهم ، وحين قربوا من البلد خرج كل من فيه من خاص وعام ، لتلقيهم وإظهار السرور والاستبشار بعودهم ، والاغتباط والابتهاج بمقدمهم ، ودخلوا البلد في العشر الأول من رجب من السنة المذكورة فاستقامت أحوالهم على منهج السداد ، واستمرت على قضية الإيثار والمراد ، وأعيد عليهم جميع ما اعترض لهم من ملك وغيره ، وأجروا على كل رسم جميل واكرام وتبجيل ، فكم من شدة فرجها الله تعالى ذكره بعد اشتدادها ، وغمة كشفها بلطفه بعد إظلامها.
ربما تجزع النفوس من الام |
|
ر له فرجة كحل العقال |
وفي هذه السنة ورد الخبر من ناحية مصر ، بأن مقدم الأرمن (١) بها ،
__________________
(١) هو «بهرام الأرمني النصراني ، الملقب تاج الدولة. انظر اتعاظ الحنفا :
٣ / ١٥٥ ـ ١٦١.