وورد الخبر في صفر بأن زلزلة عظيمة جاءت بالجزيرة واعمال الموصل ، وقيل انها أهلكت عدة مواضع من الأرض ، وهلك فيها خلق كثير وافر من أهلها في أوائل شهر ربيع الأول من السنة ، وقيل إن رسول السلطان مسعود ابن السلطان محمد ، وصل الى الموصل بالتشريف الكامل لعماد الدين أتابك ، ووصلت كتب نصير الدين نائبه فيها بشرح حالها.
وورد الخبر بأن صاحب أنطاكية قبض على بطركها الأفرنجي ، ونهب داره ، وذكر أن السبب في ذلك أن ملك الروم لما تقرر الصلح بينه وبين ريمند صاحب أنطاكية ، شرط في جملة الشروط أن ينصب بأنطاكية بطركا من قبل الروم على ما جرى بمثله الرسم قديما ، ثم انتقض هذا الرسم فيما بعد ، وخرج ريمند صاحب أنطاكية الى متملك الروم وهو مخيم في (١٤٤ و) عسكره بمرج الديباج ، وقرر معه الهدنة والموادعة ، وعاد الى أنطاكية.
وفيها عاد عماد الدين أتابك عن دمشق إلى حماة في شهر ربيع الآخر ، ونزل عليها ، ورحل عنها إلى حمص ، فنزل عليها محاصرا لها.
وفي هذه السنة نقض الأفرنج الهدنة المستقرة بين عماد الدين أتابك وبينهم ، وأظهروا الشقاق والعناد ، وشرعوا في العيث والفساد بعد اصطناعه لمقدميهم ، والكف عنهم ، حين أظهره الله عليهم ، وقبضوا بأنطاكية وثغور الساحل جماعة من تجار المسلمين وأهل حلب والسفار ، تقدير خمسمائة رجل في جمادى الآخرة.
وفيها شتى السلطان مسعود ببغداد ، ووصل رسوله الى أتابك بحمص وشتى ملك الروم بالثغور والدروب ، وخيم بمرج الديباج.
وفي يوم الأحد النصف من جمادى ، نهض الأمير بزواج من دمشق في عسكره إلى ناحية الأفرنج ، وقد فسد أمره مع شهاب الدين صاحب دمشق