من الاحسان وجزيل الإنعام ما جرت به عادتها المستحسنة في حق من يلجأ الى ظلها ، وسابغ عدلها.
وفي يوم الجمعة (١٥١ و) الثالث عشر من جمادى الأولى ، عاد الأمير مؤيد الدين إلى دمشق من صرخد ، وخرج أهل البلد لتلقيه ، وإظهار السرور به ، والاستبشار بعوده ، وطابت نفسه ببلوغ أمانيه ، ومضي أعاديه الساعين فيه.
وفي شهر ربيع الآخر ورد الخبر بخروج عسكر الى فرقة وافرة من الأفرنج ، وصلت إلى ناحية بعلبك ، للعيث فيها ، وشن الاغارات فالتقيا فأظفر الله المسلمين بهم ، وأظهرهم عليهم ، فقتلوا أكثرهم ، واستولوا على ما كان معهم ، وامتلأت أيدي المسلمين بغنائمهم ، وعادوا الى بعلبك سالمين مسرورين غانمين ، وعاد الباقون من الأفرنج الى مكانهم مفلولين محزونين خاسرين.
وفي جمادى الأولى منها ، ورد الخبر من ناحية الشمال بأن عسكر حلب ظفر بفرقة كبيرة من التجار والأجناد ، وغيرهم ، خرجت من أنطاكية تريد بلاد الأفرنج ، ومعها مال كثير ودواب ومتاع وأثاث ، فأوقعوا بها ، واشتملوا على ما كان فيها ، وقتلوا من كان معها من خيالة الأفرنج لحمايتها والذب عنها ، وعاد إلى حلب بالمال والسبي والأسرى والدواب (١).
وفي يوم السبت الثالث عشر من رجب من السنة ، توفي الأخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أسد بن علي بن محمد التميمي عن أربع وثمانين سنة ، بعلة الذرب ، ودفن بتربة اقترحها ، خارج باب الصغير من دمشق ، وكان على الطريقة المرضية من حسن الأمانة والتصون والديانة ، ولزوم داره والتنزه عن
__________________
(١) انظر زبدة الحلب : ٢ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨.