الله وكان خطيبا سديدا مبلغا متصونا عفيفا ، ولم يكن له من يقوم مقامه في منصبه ، سوى أبي الحسن الفضل ولد ولده [وهو](١) حدث السن ، فنصب مكانه ، وخطب وصلى بالناس ، واستمر الأمر له ومضى فيه.
ووردت الحكايات بحدوث زلزلة ، وافت في الليلة الثالثة عشر من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين اهتزت الأرض لها ثلاث رجفات ، في أعمال بصرى وحوران ، وسكنت ، وما والاها من سائر الجهات ، وهدمت عدة وافرة من حيطان المنازل ببصرى وغيرها ، ثم سكنت بقدرة من حركها وسكنها ، سبحانه وتعالى ، انه على كل شيء قدير.
وفي يوم الخميس الثاني عشر من رجب سنة ست وأربعين توجه مجير الدين صاحب دمشق الى حلب في خواصه ، ووصل إليها ، ودخل على نور الدين صاحبها ، وأكرمه وبالغ في الفعل الجميل في حقه ، وقرر معه تقريرات اقترحها عليه ، بعد أن بذل له الطاعة ، وحسن النيابة عنه في دمشق ، وانكفأ عنه مسرورا بما قصده في حقه من الاكرام ، وحسن الاحترام ، ووصل الى دمشق في يوم الثلاثاء السادس من شعبان من السنة.
وفي آخر شعبان ورد الخبر من ناحية بانياس بأن فريقا وافرا (١٧٢ و) من التركمان غاروا على ظاهرها ، وخرج إليهم واليها من الأفرنج في أصحابه ، ووافقهم ، فظهر التركمان عليهم ، وقتلوا منهم وأسروا ، ولم يفلت منهم غير الوالي ، ونفر يسير ، واتصل الخبر بمن في دمشق ، فأنكر مثل هذا الفعل بحكم انعقاد الهدنة والموادعة ، وأنهض اليهم من العسكر الدمشقي من صادف بعض التركمان متخلفا عن رفقتهم ، فحصلوا منهم ما كان في أيديهم وعادوا بثلاثة نفر منهم.
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين من الروضتين : ١ / ٨٣. حيث الرواية عن ابن القلانسي.