وأجناده [بهم] طاقة ، ولا لدفعهم (١) قوة ، فقهروه وغلبوه وحصروه ، وقيل إن نيسابور (٢) وتلك الأعمال حدث فيها من الفساد والخلف ، والقتل والنهب ، والسلب ما ترتاع النفوس باستماع مثله ، وتفرق من قبح فعله ، ونهبت بلخ بالمذكورين المقدم ذكرهم أشنع نهب ، وأبشع سلب ، فسبحان مدبر بلاده وعباده ، كما يشاء ، إنه على كل شيء قدير.
وفي الشهر المذكور حدث بمدينة دمشق إرتفاع السعر ، لعدم الواصلين إليها بالغلات في بلاد الشمال ، على جاري العادة ، بتقدم نور الدين صاحب حلب ، بالمنع من ذلك ، وحظره ، فأضر ذلك بأهلها من المستورين والضعفاء والمساكين ، وبلغ سعر الغرارة الحنطة خمسة وعشرين دينارا ، وزاد على ذلك ، وخلا من البلد الخلق الكثير ، ولقوا من البؤس والشدة والضعف ما أوجب موت جماعة وافرة في الطرقات ، وانقطعت الميرة من كل الجهات ، وذكر أن نور الدين عازم على قصد دمشق بمنازلتها ، والطمع لهذه الحال في مملكتها ، وذلك مستصعب عليه لقوة سلطانها ، وكثرة أجنادها (١٧٦ ظ) وأعوانها ، والله تعالى المرجو لقرب الفرج ، وحسن النظر بخلقه بالرأفة والرحمة ، كما جرت عوائد إحسانه وفضله فيما تقدم.
وفي أواخر ذي القعدة استدعي الرئيس رضي الدين إلى القلعة المحروسة ، وشرف بالخلع المكملة ، والمركوب بالسخت والسيف المحلي ، والترس ، وركب معه الخواص وأصحاب الركاب الى داره ، وكتب له المنشور بالتقليد والإقطاع ، ولقب بالرئيس الأجل رضي الدين وجيه الدولة ، سديد الملك ، فخر الكفاة ، عز المعالي شرف الرؤساء ، وكان عطاء الخادم ، المقدم ذكره ،
__________________
(١) في الأصل وأجناده كافة ولا لدفعه عنه ، وقد أضيف ما بين الحاصرتين وقوم النص كيما يستقيم السياق.
(٢) في الأصل : نيشاوور ، وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا.