في المعابر ، فأظفر الله بهم ، بحيث لم يفلت منهم إلا القليل النزر ، ثم تلا ذلك وورد الخبر من العسكر المصري ، بظفره بجملة وافرة من الأفرنج والعرب تناهز أربعمائة فارس ، وتزيد على ذلك ، في ناحية العريش من الجفار ، بحيث استولى عليهم القتل والأسر والسلب ، وكان فتحا حسنا ، وظفرا مستحسنا ، والله المحمود على ذلك المشكور.
وفي يوم الثلاثاء ثالث شوال من السنة توفي المنتجب أبو سالم بن عبد الرحمن الحلبي ، متولي كتابة الجيش ، وعرض الأجناد في ديوان الملك العادل نور الدين رحمهالله ، وكان خيرا حسن الطرية ، مجمعا (١) على شكره والتأسف على فقد مثله ، وتلا مصابه وفاة المهذب أبي عبد الله بن نوفل الحلبي ، في دمشق أيضا ، رحمهالله في يوم الجمعة السادس والعشرين من ذي القعدة من السنة ، وكان كاتبا للأمير الاسفهسلار أسد الدين ، ووزيره ، وهو موصوف بالخيرية ، محمود الأفعال ، مشكور المقاصد ، في جميع الأحوال والخلال ، واستخدم ولده في منصبه.
وتلا ذلك ورود الخبر من ناحية حماة في العشر الأخير من ذي الحجة من السنة ، بوفاة رضي الدين أبي المجد مرشد بن علي بن عبد اللطيف المعري بحماة ، رحمهالله ، وكان من الرجال الأسداء الكفاة ، فيما كان يستنهض فيه في الأيام الأتابكية ، وكذلك في الأيام النورية ، وكان مع ذلك موصوفا بالخيرية ، وسلامة الطبع ، مستمرا في ذلك على منهاج أسرته.
وكانت الأخبار قد تناصرت من ناحية القسطنطينية ، في ذي الحجة من السنة ، ببروز ملك الروم منها ، في العدد الكثير ، والجم الغفير ، لقصد الأعمال والمعاقل الإسلامية ، ووصوله الى مروج الديباج ، وتخييمه فيها ،
__________________
(١) في الأصل «مجموعا» وما أثبتناه أقوم.